في اطار الاحتفال باليوم العالمي للطب البيطري، أشرف صباح اليوم الخميس 25 أفريل 2019 بمقر الوزارة، السيد سمير الطيب وزير الفلاحة والموارد المائية على ندوة صحفية نظمتها المصالح البيطرية، وذلك بحضور السيد عبد الله الرابحي كاتب الدولة المكلف بالموارد المائية والصيد البحري والسيد رشيد بوقدور ممثل المكتب الاقليمي للمنظمة العالمية للصحة الحيوانية ورئيس عمادة الأطباء البياطرة ورئيس الغرفة النقابية لبياطرة الممارسة الحرة والمديرين العامين ورئيس النقابة الوطنية للفلاحين وعدد من اطارات الوزارة وأبرز رواد المهنة البيطرية وثلة من طلبة البياطرة.

     وخلال الندوة تم استعراض أهم الأنشطة البيطرية التي تميزت خلال السنة الماضية وتكريم أبرز رواد المهنة البيطرية ممن ساهموا في تطوير المهنة ودعم الأنشطة البيطرية في مختلف المجالات، حيث تم :

– تكريم الدكتور عبد القادر الحساني،

– تسليم جائزة التحالف العالمي لمكافحة داء الكلب للطلبة البياطرة،

– احياء ذكرى السيد عبد الوهاب بن عياد،

– تكريم الشركاء الممولين للمؤتمر 23 للجنة الاقليمية للمنظمة العالمية للصحة الحيوانية بإفريقيا.

      وخلال كلمة الافتتاح هنأ السيد سمير الطيب العائلة البيطرية بهذه المناسبة، مرحبا بالسيد الممثل الاقليمي للمنظمة العالمية للصحة الحيوانية الدكتور رشيد بوقدور وأفراد عائلة الدكتور عبد القادر الحساني و أعضاء مجلس إدارة مجمع بولينا. مؤكدا أن الاحتفال باليوم العالمي للطب البيطري يجسد بوضوح مدى الاهتمام الذي توليه الوزارة للصحة الحيوانية التي تحظى بقدر واسع من الاهتمام و الدعم في السياسة الفلاحية الوطنية ويدل دلالة واضحة على العناية التي تحظى بها مهنة الطبيب البيطري في تونس ودورها الهام في المنظومة الصحية والتنموية الشاملة.

    كما نوه الطيب بالدور الكبير للطبيب البيطري في مجالات الوقاية والصحة والتنمية، قائلا ان PAVLOV قال عنه  “إذا كان الطبيب يعالج الإنسان فان الطبيب البيطرى يعالج الإنسانية”.

« Si le médecin soigne l’homme, le médecin vétérinaire soigne l’humanité »، مبينا أن هذا الدور أصبح أكثر أهمية وأشد إلحاحا بسبب الانفتاح الاقتصادي العالمي وتنامي المبادلات التجارية و توسيع الأسواق.

كما أفاد وزير الفلاحة أنه، اعتبارا لأهمية الرقابة الصحية البيطرية ودورها في الوقاية من الأمراض ومكافحتها وللدور الهام للثروة الحيوانية في الاقتصاد الفلاحي، وإيمانا بما للطب البيطري من دور كبير في مجالات الوقاية وضمان السلامة الصحية للمنتجات الحيوانية، بادرت بلادنا منذ فجر الاستقلال بإصدار القانون المؤسس لعمادة الأطباء البيطريين سنة 1958 والتي قدّمت منذ إحداثها حصيلة ثرية في مجال نشر التوعية الصحية وتفعيل دور الطبيب البيطري في الحفاظ على صحة الإنسان والحيوان مِمَّا  يعكس حيوية هذه العمادة التي تولى كل العناية والدعم لنشاطها وبرامج عملها، مبينا أنه ومنذ ذلك التاريخ عرفت المهنة البيطرية ببلادنا تحولات جذرية مواكبة بذلك للتطورات التي عرفها العالم خلال العقود الأخيرة.

وأكد السيد سمير الطيب أن الاحتفال باليوم العالمي للطب البيطري يُمثِّلُ فرصة لاستعراض أهم المحطات التي عرفها الطب البيطري ببلادنا وأن ما تم انجازه في ميدان الطب البيطري وكذلك التحديات التي سيواجهها على المدى المتوسط والبعيد للتأقلم مع التحولات العالمية والتفاعل الإيجابي معها، وبين الطيب أن انطلاقة منظومة الطب البيطري.ببلادنا كانت في أواخر القرن التاسع عشر.

وفي هذا الإطار ذكّر وزير الفلاحة  بدور الدكتور Philippe Thomas  الذي ركز النواة الأولى للمصالح البيطرية سنة 1885 لكنه خير مواصلة أبحاثه الجيولوجية التي مكنته من اكتشاف مناجم الفسفاط بالجنوب التونسي وخلفه الدكتور Edouard Ducloux الذي أحدث مصلحة تربية الماشية سنة 1887 ثم في سنة 1897 مخبر بيطري أطلق علية سنة 1913 اسم معهد أرلوان Institut Arloing  و هو المعهد الذي يحمل حاليا اسم معهد البحوث البيطرية IRVT.

وأنه بالتوازي مع هذه الهيكلة الادارية، صدرت أولى النصوص الترتيبية المنظمة للقطاع من بينها الأمر المؤرخ في 3 فيفري 1885 المتعلق بمكافحة الأمراض الحيوانية المعدية و الأمر المؤرخ في 14 فيفري 1904 المتعلق بالمراقبة البيطرية الحدودية، كما ذكر وزير الفلاحة بأن بلادنا من ضمن البلدان الـ 28 الذين أسسوا المكتب الدولي للأوبئة بتاريخ 25 جانفي 1924 و الذي أصبح اليوم المنظمة العالمية للصحة الحيوانية وتعد 182 بلدا وأن لتونس شرف احتضان مكتبها الإقليمي لبلدان شمال إفريقيا.

وأفاد السيد سمير الطيب أن أغلب البياطرة المباشرين ببلادنا عند الاستقلال سنة 1956 كانوا من الأجانب، حيث لم  يتجاوز عدد البياطرة التونسيين 4  وهم على التوالي :

  1. الدكتور محمـد الحفانـي أول طبيب بيطري تونسي مولـود في 17 ماي 1918 و متخرخ في دفعة سنة 1944
  2. الدكتور عبد الوهاب المنشاري متخرج سنة 1945
  3. الدكتور محمد الهادي الفورجي خريج مدرسة تولوز سنة 1950
  4. الدكتور أحمد مرابط متخرج سنة 1955

وأن الدكتور محمـد الهـادي الفورجـي قــد تولى رئاســة مصلحة تربية الماشيـة بعــد استقلال بلادنا متسلما مهامــه من الدكتورJean Gauvin.

وبين الطيب أن تأسيس المدرسة الوطنية للطب البيطري بسيدي ثابت سنة 1974 مثل نقطة تحول ومكسبا هاما باعتبارها مكّنت من تكوين عديد الكفاءات البيطرية لتوفير الخدمات الصحية وتقديم الرعاية الصحية البيطرية التي تُعدُّ من أهم الركائز التي تعتمد عليها خطط تنمية قطاع الثروة الحيوانية وتحقيق الأمن الغذائي، منوها بالدور الأساسي الذي لعبه الدكتور عبد القادر الحساني في تركيز مدرسة الطب البيطري بسيدي ثابت حيث أمّن إدارتها خلال المدة الممتدة من سنة 1976 إلى سنة 1984، مضيفا أن عدد البياطرة المسجلين بالعمادة بلغ الى موفى سنة 2018 الـ1970 بيطري منهم من السيدات 679. (34.5 بالمائة) موزعين بين القطاع العمومي والخاص ويضطلعون بدور ايجابي ورائد في الحفاظ على الصحة العامة وتأمين متطلبات التنمية الشاملة بوطننا العزيز.

وفي إطار تدعيم آليات التدخل الصحي وتحسين نسبة التغطية الصحية والوقاية من انتشار الأمراض المستوطنة، إضافة إلى تشريك القطاع الخاص في تنفيذ الحملات والمساهمة في المجهود الوطني لتشغيل حاملي الشهادات العليا وتسهيل انتصاب الأطباء البياطرة الخواص في مناطق تربية الماشية،أفاد السيد سمير الطيب أن برنامج التوكيل الصحي انطلق منذ سنة 2006 وذلك بتمكين 10 بياطرة خواص منتصبين بست ولايات من التوكيل الصحي وتواصل البرنامج خلال السنوات الموالية ليشمل كامل ولايات الجمهورية وإحداث 260 منطقة توكيل صحي سنة 2019 باعتمادات جملية تقدر بـ 4.7 مليون دينار، وأن هذا البرنامج مكن من تحسين نسبة التغطية الصحية الحيوانية إضافة إلى خلق مواطن شغل جديدة وتشجيع البياطرة على الانتصاب بمناطق تربية الماشية وبالتالي تقريب الخدمات البيطرية من المربين.

واعتبارا لما يمثله الجانب التنظيمي والهيكلي من أهمية في تطوير أداء المنظومة البيطرية، أفاد وزير الفلاحة أن الوزارة بادرت بمراجعة النصوص الترتيبية المنضمة لمهنة الطبيب البيطري وذلك بتحيين الأطر القانونية سنة 1997 وإحداث مجلس وطني تسانده مجالس جهوية بالإضافة إلى إصدار مجلة واجبات الطبيب البيطري سنة 2000 ممّا مكّن من مزيد تفعيل المهنة البيطرية وتأمينها لدور أهم وأكبر على مستوى الجهات الداخلية ومزيد إشعاعها وتقريب خدماتها أكثر فأكثر من الفلاحين وعموم المواطنين. وأن الدولة اهتمت بتحيين هيكلة قطاع الصحة الحيوانية وحرصت على ضمان ملائمتها لمتطلبات المرحلة الحالية عن طريق إحداث الإدارة العامة للمصالح البيطرية سنة 2001 إضافة إلى إصدار القانون الأساسي للأطباء البيطريين الصحيين سنة 2006 والذي مكن من فتح آفاق مهنية جديدة للتدرج وذلك بإحداث خطط للترقية لفائدة الأطباء البيطريين العاملين بالوظيفة العمومية.

وفي إطار الحرص على وضع قطاعات الإنتاج على درب الحداثة، أفاد وزير الفلاحة أنه تم إحداث مركز لليقظة الصحيّة الحيوانية سنة 2007 يعهد إليه مهمّة اليقظة الصحيّة البيطرية والمتابعة الوبائية للأمراض الحيوانية لتفادي تسربها والحد من انتشارها، مبينا أن هذا القرار يمثل عنصرا من برنامج التأهيل الشامل للقطاع الفلاحي عامة والإنتاج الحيواني خاصة باعتبار أهمية الترصّد والاكتشاف المبكّر للآفات الحيوانية قصد وضع الآليات الملائمة المَبْنِيَّة على معطيات علمية لتفادي تسرب الآفات والحد من انتشارها، مصيفا أنه من المنتظر أن يحصل المركز على اعتراف المنظمة العالمية للصحة الحيوانية كمركز مرجعي للتكوين والرسكلة لفائدة المتدخلين في الصحة الحيوانية في بلدان شمال إفريقيا

أما بخصوص التكوين والبحث العلمي للبياطرة ونظرا لأهمية هذا الميدان وموقعه الحساس، بين وزير الفلاحة أنه حظي بعناية خاصة واهتمام كبير قصد تحسين أدائه وملائمته مع متطلبات المرحلة، وأن الوزارة بادرت بمراجعة برامج التكوين بالمدرسة الوطنية للطب البيطري وإدخال إصلاح جوهري للتكوين الأساسي للبياطرة وذلك باعتماد التربصات الداخلية (internat) والتخصص في إطار الإقامة (Résidanat) بهدف تكوين المزيد من الكفاءات البيطرية العالية.

وفي الختام أكد السيد سمير الطيب أهمية الوقاية من الأمراض الحيوانية المنشأة عند الإنسان والحيوان،مبينا أنَّ  المفهوم الحديث للصحة لا يقتصر على السلامة من المرض بل يتجاوزه إلى تحسين الوضع الغذائي وميادين التنمية المستديمة، داعيا الى مزيد تكاتف جهود المجموعة الدولية في سبيل مكافحة مظاهر سوء التغذية وتكريس مبادئ التنمية المتضامنة من أجل الحد من مظاهر الفقر والخصاصة في مختلف أرجاء المعمورة بما يضمن للذات البشرية الحق في حياة لائقة وكريمة.