يحتفل العالم في الثاني من فيفري من كل عام باليوم العالمي للمناطق الرطبة، حيث يوافق هذا التاريخ اعتماد اتفاقية رامسار والتي وُقعت في عام 1971، ولقد اختارت أمانة اتفاقية رامسار” تحت شعار تزدهر الحياة في المناطق الرطبة  “التنوع البيولوجي للمناطق الرطبة مهم للغاية” كشعار لهذا العام.

 ويمثل هذا الموضوع فرصة لتسليط الضوء على ثراء المناطق الرطبة والفوائد والخدمات التي تقدمها لتحقيق رفاه الإنسان ولسلامة كوكب الأرض، إضافة إلى تعزيز الإجراءات الرامية إلى المحافظة على هذه المناطق ومواردها وإدارتها بشكل مستدام.

وبهذه المناسبة، استضافت غار الملح، وهي أول مدينة في شمال إفريقيا والعالم العربي تحوز على جائزة “مدينة المناطق الرطبة”،احتفالات اليوم العالمي للمناطق الرطبة ،وذلك يوم الخميس 6 فيفري 2020 في البرج اللوطاني، وتناولت الاحتفالات موضوع “المناطق الرطبة والتنوع البيولوجي”، حيث تمّ  تنظيمها من قبل الإدارة العامة للغابات وتحت اشراف وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري وبالشراكة مع الصندوق العالمي للطبيعة- مكتب شمال افريقيا.

وشمل الحدث مجموعة من جلسات العروض الإيضاحية والمناقشات وأنشطة التثقيف البيئي الموجهة لأطفال المدارس، إضافة إلى تظاهرة بيئية وجولة إيكولوجية في غار الملح (مدينة رامسار). كما تم تخصيص مساحة للجمعيات العاملة في مجال المحافظة على المناطق الرطبة لعرض أنشطتها والترويج لها.

وللتذكير فإن المناطق الرطبة تغطي حوالي 6٪ من مساحة اليابسة على كوكب الأرض،وهي ذات أهمية حيوية لبقاء البشرية. فهذه النظم تحتوي على تحديات اقتصادية واجتماعية كبرى، وتعتبر حاضنة للتنوع البيولوجي بإعتبارها تمثل موطنًا لمجموعة كبيرة من الأنواع الحيوانية والنباتية وتأوي حوالي 40٪ من جميع الأنواع في العالم.

كما تقدم المناطق الرطبة العديد من خدمات النظم الايكولوجية لجميع الأنواع الحية على كوكب الأرض مثل الإمداد بالمياه العذبة والتحكم في الفيضانات وإعادة تغذية المياه الجوفية والتخفيف من آثار تغير المناخ.

إن البلاد التونسية تُعدّ من بين البلدان التي تمتلك أعلى نسبة “مساحة المناطق الرطبة بالنسبة  للمساحة الجملية” في منطقة البحر الأبيض المتوسط. وتغطي المناطق الرطبة التونسية أكثر من 8٪ من مساحة البلاد، وتأخذ عدّة أشكال مثل السدود  والبحيرات والشطوط والسباخ والوديان الدائمة أوالموسمية).

كما تضم المناطق الرطبة 260 نوعًا من النباتات البرية و50 نوعًا من النباتات المائية و140 نوعًا من الطيور،أغلبها  طيور مهاجرة.

وفي فصل الشتاء، تستقبل هذه النظم،سنويًا،أكثر من 500 الف طائر قادم من آسيا وأوروبا.

فعلى سبيل المثال، تأوي تونس ما يقارب 25 ألف بطة وغَرَّاء و 25 الف طير نحام كل عام في شهر جانفي.

وتعتبر القُضاعات و جواميس الماء من أهم الثدييات في المناطق الرطبة لتونسية والتي تعد أيضا موطنا لحوالي 40 نوعا من الأسماك.

ولكن الضغط البشري في السنوات الأخيرة قد أدّى، بالإضافة إلى الآثار المباشرة وغير المباشرة لتغير المناخ، إلى تدهور المناطق الرطبة ممّا تسبّب في انخفاض كبير في مساحتها ونوعيتها، وبالتالي تقليل خدمات النّظم الإيكولوجيّة التي توفّرها. وتشير التّقديرات اليوم إلى أنّه في القرن العشرين قد تقلّصت مساحة المناطق الرطبة من 64 إلى 71٪ على الصعيد العالمي، وأن فقدانها وتدهورها في استمرار في جميع أنحاء العالم.

علما وأن المناطق الرطبة في تونس قد عانت من نفس مصير مثيلاتها في العالم وذلك بسبب الضغوطات البشرية والطبيعية التي تثقل كاهلها، إضافة الى النظرة السلبية لهذه البيئات على أنها  مناطق هامشية  ومصدر إزعاج لا غير.

وعلى الرغم من جميع التهديدات، إلا أن بلادنا شهدت في السنوات الأخيرة تغييرا في المواقف تجاه المناطق الرطبة، فأصبح يُنظر إليها شيئًا فشيئا على أنها ليست المناطق هامشية، وأكثر فأكثر كعنصر من عناصر التراث الطبيعي ذو أهمية بيئية واجتماعية واقتصادية.

وفي هذا الاطار تقوم ادارة الغابات بتنفيذ برنامج  كامل للتوعية والرقابة ورد المخالفين بهدف المحافظة على هذه النظم الإيكولوجية الهامة، ففي سنة 2019، قامت الإدارة العامة للغابات، بالتعاون مع الصندوق العالمي للطبيعة، بتطوير استراتيجية المناطق الرطبة التونسية. وقد حدّدت ثلاثة أهداف استراتيجية وهي:

– تحسين معرفتنا بالمناطق الرطبة

– تعزيز  أطر الحوكمة والتّصرّف المستدام في المناطق الرطبة

– التّصرف وتثمين المناطق الرّطبة التّونسيّة من خلال ”الاستخدام الرشيد“

ولقد تم وضع خطة عمل لمدة عامين تحدّد الإجراءات الواجب تنفيذها، وتمّ تعيين أصحاب القرار وتسخير الوسائل اللاّزمة لكلّ موقع مع مراعاة الخصائص المحلية.