حضر يوم الخميس 16 نوفمبر 2017، رئيس الوفد التونسي في المؤتمر 23 للأطراف في الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة حول التغيرات المناخية، السيد سمير الطيب وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري، الجزء رفيع المستوى من المؤتمر المنعقد بمدينة بون بألمانيا من 06 إلى 17 نوفمبر 2017، حيث ألقى كلمة، وذلك بحضور السيد António Guterres، الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة والسيد FrankBainimarama، الوزير الأول لجمهورية جزر فيجي، ورئيس الدورة 23 لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة حول التغيرات المناخية، والسيدة باتريسيا أسبينوزا الأمينة التنفيذية لاتفاقية الأمم المتحدة حول التغيرات المناخية.

وبالمناسبة أفاد السيد سمير الطيب أن تونس أولت أهمية كبرى للرهانات المتعلقة بالتغيرات المناخية بالرغم من التحولات السياسية والاقتصادية الكبرى التي تشهدها منذ جانفي 2011، وما تتطلبه هذه المرحلة الانتقالية الهامة من عمل دؤوب ومتواصل من أجل تركيز رؤية جديدة للحوكمة وترسخ مبادئ الديمقراطية التشاركية . موضحا أن الالتزام بقضايا المناخ تجسم من خلال المصادقة على اتفاق باريس، بموجب القانون المؤرخ في 31 أكتوبر 2016 إضافة إلى إعداد مساهماتنا المحددة وطنيا NDC والتي تضمنت أهدافا طموحة في مجال التخفيف من انبعاثات غازات الدفيئة والتأقلم مع تداعيات تغير المناخ وتحديد لحاجياتنا الوطنية، في مجال تطوير التكنولوجيات ودعم القدرات وتمويل البرامج والمشاريع، لتفعيل هذه المساهمات.

وأضاف الطيب أن هذه المصادقة جاءت كدليلا واضحا على أن التنمية المستدامة، المبنية على ترسيخ أنشطة اقتصادية تحترم البيئة وتساهم في تخفيض مستوى الانبعاثات الغازية وتؤسس لمنوال تنموي يعزز قدرة المنظومات الطبيعية والمجالات الاقتصادية على التأقلم مع تداعيات تغير المناخ كما هو مدرج بالفصل الثاني من اتفاق باريس، لا يمثل فحسب، التزاما وطنيا بموجب هذا الاتفاق، بل هو كذلك خيار سياسي استراتيجي وطني من شأنه ضمان احترام الطبيعة والبيئة والتأسيس لرؤية أكثر نجاعة واستدامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية بتونس.

وأكد وزير الفلاحة أن تونس حددت أهدافا كبرى للتقليص من الانبعاثات بنسبة تبلغ 41 % من كثافة الكربون في أفق سنة 2030 مقارنة بمستواها سنة 2010. وأن هذه التخفيضات شملت خاصة مجال الطاقات المتجددة والنجاعة الطاقية والفلاحة والغابات، والأساليب الصناعية ومعالجة النفايات. مبينا أنه تم تحديد هذه المجالات باعتماد حجم الإمكانيات المتاحة لتخفيض الانبعاثات، مع مراعاة أولوياتنا الوطنية في مجال التنمية.

وأضاف الطيب أن  أهم الأهداف الوطنية في مجال الطاقة  تتمثل في  التخفيض من الطلب على الطاقات الأحفورية إلى حدود 30 % في أفق سنة 2030، والرفع من نسبة الطاقات البديلة والمتجددة إلى حدود 30 %خلال نفس الفترة. موضحا أن بلادنا شرعت منذ مصادقتها على اتفاق باريس حول المناخ، في توفير آليات الدعم والمساندة، الكفيلة بتفعيل هذه المساهمات. وأن هذا التمشي  تجلى من خلال مصادقة الحكومة التونسية على سياسة “الطاقة 2030″، وإقرار صندوق خاص للتحول الطاقي خلال سنة 2017 بهدف دعم الاستثمار في مجال التحكم في الطاقة وتعزيز مساهمة القطاع الخاص في تنفيذ البرامج الوطنية في هذا المجال.

وأكد وزير الفلاحة أن  تونس، وعلى غرار عديد الدول النامية والدول الأقل نموا، وخاصة بالمنطقة الإفريقية وجنوب المتوسط، تعد شديدة الحساسية لتداعيات تغير المناخ، وذلك نظرا لاعتماد نموها الاقتصادي بدرجة عالية على استغلال الموارد والمنظومات الطبيعية، من ناحية، وضعف قدرة المتساكنين المحليين بعديد المناطق التونسية على التأقلم مع انعكاسات هذه الظاهرة، من ناحية اخرى. مبينا أنه ولهذا الغرض، تم ضمن مساهماتنا المحددة وطنيا تحديد أهم المنظومات والقطاعات الاقتصادية الأكثر هشاشة لتغير المناخ. وأنه يتم حاليا العمل على الشروع في تنفيذ المخطط الخماسي للتنمية بتونس للفترة 2016-2020، والذي اعتمد مقاربة تشاركية ترسخ التمييز الإيجابي بين الجهات وتراعي قدراتها وإمكانياتها على التأقلم مع الرهانات المناخية.

كما أكد وزير الفلاحة أن بلادنا  عملت ضمن مخطط التنمية الحالي على ترسيخ مبدأ النجاعة والعدالة والإستدامة، قصد التأسيس لبنية أساسية جهوية تعزز الجاذبية الاقتصادية لمختلف الجهات وتساهم في جلب الاستثمار الداخلي والخارجي خاصة في المجالات الإستراتيجية ذات القدرة التشغيلية العالية. كما أنه تم تخصيص محورا خاصا ضمن مخطط التنمية لتعزيز مقومات الاقتصاد الأخضر الذي يحافظ على استدامة المنظومات الطبيعية والأنشطة الاقتصادية ويضمن تأقلم مواردنا الطبيعية، خاصة من المياه والتربة والسواحل، مع التهديدات الجدية لتغير المناخ ويساهم في ضمان تحقيق مبادئ وأهداف التنمية المستدامة لسنة 2030.

ودعا وزير الفلاحة إلى الالتزام الجماعي بالمساهمة الفاعلة في تفعيل اتفاق باريس حول المناخ، وتحمل الدول المصنعة دورا رياديا في هذا المجال. مبينا أن الرهانات الحالية تقتضي من جميع الدول النامية العمل على إعداد برامجها الوطنية للتأقلم مع تغير المناخ مع مزيد الحرص على وضع آليات وأطر أكثر نجاعة للشفافية والاستجابة لأولويات الدول في المجال. كما أكد على ضرورة العمل على دعم آليات التمويل والمساعدة لفائدة الدول النامية لمساعدتها على المساهمة الفاعلة في التقليص من انبعاثاتها الغازية، والتنفيذ الميداني لبرامجها للتأقلم مع تداعيات تغير المناخ.

وللتذكير فان ارتفاع الانبعاثات من كثافة الكربون فاق 40% مقارنة بالقرن الثامن عشر، مع وجود تهديد جدي للحياة والموارد الطبيعية والأنشطة الاقتصادية، وأن  المجهودات الدولية  تعمل على التقليص من الانبعاثات بما يمكن من تحديد معدل ارتفاع درجة الحرارة بـ 2 درجة مئوية في أفق سنة 2100، ومواصلة الجهود لبلوغ حد أقصى لا يتجاوز 1.5 درجة مئوية.