أشرف، صباح اليوم الاثنين 11 فيفري 2019، السيد يوسف الشاهد رئيس الحكومة على افتتاح ملتقى “العقار الدولي في خدمة التنمية ورافد للتشغيل” الذي نظمته وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية بالتعاون مع وزارة الفلاحة والموارد المالية والصيد البحري ووزارة التكوين المهني والتشغيل، وذلك بحضور أعضاء الحكومة وأعضاء مجلس نواب الشعب ورؤساء وممثلي المنظمات المهنية وممثلي الأحزاب والجمعيات والمجتمع المدني وعدد من  الإطارات والأعوان الفنية والإدارية التابعة للوزارات المعنية.

وفي كلمته الافتتاحية، أفاد السيد يوسف الشاهد إن خطة عمل الحكومة تقوم على مسارين، مسار أو ليتمثل في تسوية الوضعيات العقارية القديمة والمزمنة وتلبية هذا المطمح الاجتماعي لأصحابه بتمكينهم من استغلال كامل الموارد التي يوفرها العقار من طاقات إنتاجية وقدرات تمويل والنهوض بأوضاعهم، ومسار ثان يتمثل في استحداث آليات لتوظيف العقار في تحقيق أهداف السياسة التنموية للدولة وعلى رأسها تشغيل الشباب إلى جانب تدعيم حوكمة الآليات السابقة بما يرفع من جدواها وفعاليتها ومردودها.

وأعلن رئيس الحكومة عن استكمال المنظومة القانونية والتّرتيبية والإجرائية اللاّزمة لتنفيذ خطة تسوية وضعية التجمعات السكنية وتحقيق المطمح الاجتماعي للمواطنين بتمليكهم بالمساكن التي أقاموها والذي مثل منذ عقود أحد أهم مشاغلهم.

وتأوي هذه التجمعات ما يقارب عن 500 ألف ساكن موزعين على 1250 تجمعا سكنيا تقريبا وتعد حوالي 155 ألف مسكنا وتغطي مساحة تزيد عن 11 ألف هك من الأراضي الدولية.

وفيما يتعلق بوضعية المحلات السكنية والتجارية الراجعة للدّولة بموجب اتفاقيات دولية ثنائية والمعروفة بأملاك الأجانب والتي تعدّ حوالي 7645 محلا في تصرف الشّركة الوطنية العقارية للبلاد التونسية بالتصرّف لحساب الدولة، أعلن الشاهد عن تيسير الإجراءات الإدارية لتمكين شاغلي المحلات المعروفة بأملاك الأجانب من التملك بها بثمن اجتماعيي تماشى مع قدراتهم المالية ويراعي حالتهم الإجتماعية وتقدمهم في السن لمساعدتهم على ترميم وإصلاح هذه المحلات، وتسوية وضعياتها القانونية بما يكفل لهم إدخالها في الدورة الاقتصادية.

وفي إطار تشغيل الشباب، أفاد رئيس الحكومة بأنه تم الإذن بإصدار المنشور عدد 6/4/المؤرخ في 16 جويلية 2018 والمتعلق بضبط إجراء اكتراء عقارات دولية فلاحية لفائدة العاطلين عن العمل من حاملي الشهائد العليا وغيرهم، وذلك قصد مرافقتهم ومساعدتهم على الارتقاء بهم من مرتبة طالبي شغل لمرتبة أصحاب مشاريع وصانعي الشغل.

وأشار إلى أنه تم اختيار ولاية القيروان لتكون نموذجا لانطلاق هذا البرنامج بالإعلان عن قسط أول من المقاسم المخصصة للغرض شمل مساحة جملية من الأراضي الدولية تبلغ 1350 هك منها 930 هك مخصصة لفائدة العاطلين من أصحاب الشهائد العليا و 420هك لفائدة غيرهم من الشباب العاطل عن العمل، مضيفا بأنه سيتم نشر القائمة الوقتية للمرشحين لكراء هذه المقاسم قريبا، على أن لا يتجاوز الإعلان عن قائمات المقاسم المخصصة لهذا البرنامج بالنسبة لبقية الولايات في مارس2019 كما أكد الشاهد بالخصوص على تشديد الرقابة والمتابعة ليتم توظيف هذه الأراضي على الوجه الأفضل.

من جهته، أفاد السيد سمير الطيب أن القطاع الفلاحي من أهم المحركات الأساسية للتنمية في بلادنا بحكم وظائفه الإقتصادية والإجتماعية والبيئية ولارتباطه الوثيق بتحقيق الأمن الغذائي، الذي هو من أولويات الحكومة إلى جانب عنصر التشغيل، مشددا على أن الأمن الغذائي والتشغيل يعدان من مؤشرات السيادة الوطنية وأساس الكرامة واستمرار التماسك المجتمعي. وأن أهمية هذا القطاع تتجلى من خلال مساهمته بنسبة من 8% إلى 9% في الناتج الداخلي الخام  للبلاد واستقطابه لما يزيد عن 16% من اليد العاملة النشيطة وتأمينه لموارد الرزق لأكثر من 516 ألف مستغل فلاحي.إلى جانب ما بلغته بعض القطاعات من مكانة في الإنتاج والتصدير مثل “زيت الزيتون والتمور ومنتجات الصيد البحري حيث  تساهم بحوالي 10% من مجهود التصدير.

كما أفاد وزير الفلاحة أن الأراضي الدولية الفلاحية تمثل رصيدا عقاريا هاما للبلاد التونسية  فهي تمسح ما يزيد عن 500 ألف هك (حوالي 5%من الأراضي الفلاحية بالبلاد التونسية) تمت هيكلة حوالي 300 ألف هك لتصبح شركات إحياء وتنمية فلاحية ومقاسم للفنيين ومقاسم للفلاحين الشبان، في حين بقيت مساحة ما يناهز 200 ألف هك تحت إستغلال ديوان الأراضي الدولية وبعض الوحدات التعاضدية  للإنتاج الفلاحي ومراكز التكوين والبحث والتعليم الفلاحي وقطع أخرى مشتتة منها ما هو مسوغ مراكنة أو بالمزاد العلني.

وفي هذا السياق ذكّر السيد سمير الطيب بالإعلان عن برنامج إستغلال  الأراضي الدولية الفلاحية (شمل حوالي 45000 هك) من قبل السيد يوسف الشاهد يوم 15 مارس 2018 من مقر الوحدة التعاضدية للإنتاج الفلاحي “الماتلين”  بمنزل بورقيبة من ولاية بنزرت، مضيفا أن من بين عناصرهذا البرنامج وضع حوالي 10.000 هك من الأراضي غير المهيكلة على ذمة السادة الولاة لتوظيفها لفائدة العاطلين عن العمل من أصحاب الشهائد العليا وغيرهم، إلى جانب بقية صيغ الإستغلال المعهودة (شركات إحياء وتنمية فلاحية ووحدات تعاضدية للإنتاج الفلاحي ومقاسم للفنيين ومقاسم فلاحين شبان)، مبينا أن هذا الإجراء كان له الوقع الطيب على كل المستهدفين به من خلال ما أبدوه من تعطش وإنتظار كبيرين  لتنفيذه، وذلك من خلال ما تم لمسه بصفة مباشرة أو لدى السادة الولاة من تحمس ومتابعة وحث للإسراع في تجسيم البرنامج المذكور. وأنه فعلا، فقد إنطلقت عديد الولايات حال صدور المنشور الوزاري المشــــــترك المنظــــم لهذه العملية (المــــنشور عـــــدد 04/06/م الصـــادر في 16 جويلية 2018) في تنفيذ البرنامج.

وإيمانا منها بأهمية هذا الخيار، أكد الطيب أن وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري عملت بالتنسيق مع وزارتي أملاك الدولة والشؤون العقارية ووزارة التكوين المهني والتشغيل على إحداث لجنة مشتركة ومتعددة الاختصاصات تتولى:

– دراسة وتحليل إمكانات المقاسم المحددة من طرف الجهة

-مساعدة المتحصلين عليها على رسم برامج الاستغلال المستقبلية ضمن منظومات إنتاجية مدروسة

وأن اللجنة ستعمل، حال الإعلان على قائمة أصحاب المقاسم بكل جهة، على:

الإلتقاء بهم لتشخيص حاجياتهم وضبط البرامج العملية التي تتماشى وطبيعة إمكانياتهم المعرفية.

 وضع تمشي واضح يضمن المرافقة والتكوين والتأطير والإرشاد لهذه الشريحة من المستغلين الجدد للأراضي الدولية الفلاحية، علما وأن وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري  قد أعلنت سنة 2019 سنة للنهوض بالتكوين الفلاحي والإرشاد.

حثهم على التنظّم داخل هياكل مهنية لتجنب التشتت والتجزئة، قدر الإمكان، وللضغط على الكلفة عند التزوّد والترويج في مرحلة أولى ثم تعاطي أنشطة ذات قيمة مضافة عالية على غرار التكييف والتحويل والتصدير في مراحل لاحقة توفر لهم الدخل الأرفع المنشود.

مساعدتهم على البحث على مصادر التمويل وربط الصلة بين الطرفين، إذ أن هذا العنصر يبقى من بين أهم الإشكاليات والمعيقات أمام المستغلين الفلاحيين بصفة عامة وهذه الشريحة بصفة خاصة.

إقتراح إحداث نقاط ماء للري (آبار عميقة مثلا) للإستغلال المشترك بين عدد من المستفيدين كلما سمحت بذلك الإمكانيات المائية بالمنطقة.

ولتحقيق التنمية المستدامة، أفاد السيد سمير الطيب أنه لا بد منانصهار هذا البرنامج الطموح في التوجهات الإستراتيجية ذات الأبعاد الثلاثة وهي البعد الإقتصادي والبعد الإجتماعي والبعد البيئي، مبينا أن :

البعد الإقتصادي: من خلال تحسين الإنتاج والإنتاجية لخلق الثروة للمستغل الشاب وللبلاد بصفة عامة مع توفير الحاجيات الغذائية، وذلك بإستعمال التقنيات الحديثة التي بإمكانها تثمين الموارد المتاحة في أحسن الظروف.

– البعد الإجتماعي: بالإمكان ضمانه عبر الرفع من أداء الأراضي الدولية الفلاحية ومن خلال العمل على إرساء منظومة الإقتصاد الإجتماعي والتضامني (التنظيم داخل هياكل مهنية: وحدات تعاضدية للإنتاج الفلاحي، مجامع تنمية، شركات تعاونية…) المدمج لفئات المجتمع وخاصة الشباب العاطل عن العمل والحاملين لشهائد عليا منهم وبصفة أخص المرأة الريفية من خلال توفير مواطن الشغل لهم عبر إستغلال وتثمين الأراضي الدولية الفلاحية.

– البعد البيئي: وذلك بترشيد التصرف في الموارد الطبيعية من أراضي زراعية ومياه ري وغطاء نباتي والمحافظة على التنوع البيولوجي حتى تبقى هذه الأراضي ثروة تتوارثها الأجيال جيلا بعد جيل.

وفي الختام أثنى السيد سمير الطيب على إحكام توظيف الأراضي الدولية الفلاحية مما يتناسب مع الرهانات المطروحة على فلاحتنا من تطوير وتحسين أدائها.