أشرف اليوم الجمعة 31 ماي 2019، السيد سمير الطيب وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري على ندوة صحفية لتقديم مشروع مجلة المياه تم خلالها امضاء اتفاقية توافق حول مشروع المجلة، وذلك بحضور السيد نور الدين الطبوبي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل والسيد عبد الله الرابحي كاتب الدولة المكلف بالموارد المائية والصيد البحري وثلة من اطارات الوزارة.

       وفي بداية كلمته، توجه السيد سمير الطيب وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري بالشكر   لكافة من ساهم في إعداد هذا المشروع من خبراء وممثلي المجتمع المدني والهياكل المهنية ومختلف الوزارات وإطارات وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري على إرادتهم والتزامهم بالعمل التشاركي لإنجاح هذا المشروع التشريعي الإصلاحي الهام في قطاع المياه من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة، مشدّدا على أن الماء ثروة طبيعية وطنية وعنصر من عناصر البيئة، وأنه يجب تنميته وحمايته والمحافظة عليه وترشيد استعماله بطريقة تضمن الاستجابة المستدامة إلى كافة احتياجات المواطنين والقطاعات الاقتصادية.

كما بين الطيب أن قطاع المياه يكتسي أهمية إستراتيجية وحيوية في بلادنا، وأن الدولة شملته ببرامج وطنية متميزة واستثمارات هامة لتعبئة الموارد المائية المتاحة، وتأمين مياه الشرب للمواطنين واستحداث المناطق السقوية، وترشيد الاقتصاد في الماء، مستدركا أن هذا المجهود يعتبر منقوصا دون إطار تشريعي للمياه ينظم استعمالها ويوجب إحكام استغلالها وحمايتها كما ونوعا.

وفي هذا الاطار، أفاد الطيب أنه تم إصدار مجلة المياه بالقانون عدد 16 لسنة 1975 والمؤرخ في 31 مارس 1975، والذي يعتبر قانونا رائدا في تلك الفترة لإدارة وحماية الملك العمومي للمياه، مبينا أن الدولة واصلت مجهودها من أجل تعبئة الموارد المائية واستغلالها وكيفية التحكم في الطلب واللجوء إلى مصادر المياه غير التقليدية وتـنميتها، وأن هذا التوجه تجسم من خلال تخصيص استثمارات هامة لقطاع المياه  بلغت على سبيل الذكر ما يقارب 65% من مجمل الاستثمارات المبرمجة لكل القطاع الفلاحي للفترة 2017-2020.

وأضاف وزير الفلاحة، أنه نظرا لتعدد المنشآت والبنية الأساسية المائية خلال العقود الفارطة إضافة إلى تأثيرات التغيرات المناخية ومحدودية الموارد المائية وشدّة التنافس على طلبها ممَّا إنجرَّ عنه اضطرابات كبرى في التوازنات المائية المعهودة، فقد أصبحت مقتضيات هذا القانون غير ملائمة لمتطلبات المرحلة الحالية ولا تستجيب لضروريات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والصحية والبيئية للبلاد مع عدم تطابقها مع مقتضيات دستور الجمهورية الثانية الذي كرَّس الحق في الماء وواجب المحافظة عليه وترشيد استغلاله من قبل الدولة والمجتمع، وأنه تبينت عديد النقائص من بينها:

  • الاستغلال المفرط والمكثف للخزانات المائية الباطنية الذي فاق الطاقة المسموحة بها لعدم شمولية أحكام المجلة الحالية وتوجهها أساسا نحو العرض،
  • غياب البرمجة المندمجة للثروة المائية على الصعيد المحلي والجهوي والوطني،
  • عدم تنظيم مهنة التنقيب عن المياه مع تطور التقنيات والأساليب التي مكنت من النفاذ إلى الموارد بسهولة،
  • عدم نشر المعلومة المتعلقة بالمياه مما يفقد الشفافية والضمانات المستوجبة لحث الاستثمارات المرتبطة بهذا القطاع الحيوي،
  • غياب مساهمة المجتمع المدني في التصرف المندمج في المياه وعدم مساهمة المستغلين ومستعملي المياه في أخذ القرار،
  • عدم ملائمة الإطار المؤسساتي الحالي لمتطلبات التصرف الرشيد في الموارد المائية والمحافظة عليها ومراقبتها،
  • عدم تحيين الجانب الردعي المتعلق بالجرائم والعقوبات منذ صدور المجلة سنة 1975 مما ساهم في تفشي ظاهرة الاعتداءات على الملك العمومي للمياه وتردي التوازنات المائية،
  • قصور مجامع التنمية الناشطة في مجال المياه في إدارة المنظومات المائية ونقص في مراقبة أداءها الإداري والمالي.

وبين السيد سمير الطيب أنه بناء على ما سبق، فقد اتجه الخيار إلى سنِّ مجلة جديدة للمياه تتلاءم مع متطلبات المرحلة الحالية والمستقبلية ومكرسة لأحكام دستور 27 جانفي 2014 خاصة منها الحق في الماء والحق في البيئة السليمة والعيش الكريم والتنمية المستدامة والتوازن بين الجهات والعدالة الاجتماعية والحق في النفاذ إلى المعلومة ودعم اللامركزية وعلى تثبيت ملكية الثروات الطبيعية للشعب التونسي وترشيد استغلالها، موضحا أنه قد بدأ العمل في إنجاز هذه المجلة منذ ما يقارب 10 سنوات على عدة مراحل حيث تداول عليه عديد الخبراء والإطارات وممثلي المجتمع المدني ثم تم استخفاف النسق من سنتين.

وأن الجهود تضافرت للوصول إلى هذه الصيغة التي تضمنت أحكاما أساسية من أهمها:

  • إعتبار الموارد المائية ثروة طبيعية وطنية يجب استغلالها والمحافظة عليها،

–    تثبيت مبدأ الحق في مياه الشرب والصرف الصحي،

– إدراج مفهوم اللامركزية في التصرف في الملك العمومي للمياه عبر إرساء مجالس جهوية للمياه،

–  تحقيق مبدأ التضامن الوطني والعدالة في توزيع المياه،

– إضافة إجراءات التصرف في الحالات القصوى كالفيضانات والجفاف،

–  وجوبية نشر المعلومة المتعلقة بالمياه والحق في النفاذ إليها،

– ضمان الحوكمة الرشيدة للموارد المائية بتشريك المجتمع المدني ومستعملي المياه في إنجاز المخططات المائية والتصرف المستدام في الموارد،

– تدعيم الجانب الزجري بخصوص المعتدين على الملك العمومي للمياه،

كما أضاف وزير الفلاحة أن  مشروع المجلة نص أيضا على تدعيم الإطار المؤسساتي للتصرف والمحافظة على الموارد المائية من خلال:

  – إحداث المجالس الجهوية للمياه لدراسة المسائل المتعلقة بالتصرف في الموارد المائية على مستوى الجهة في إطار الاستراتيجيات الوطنية،

– إحداث الهيئة الوطنية التعديلية لخدمات المياه التي تكلف بتقييم وتعديل الخدمات العمومية المقدمة في قطاع المياه وذلك لضمان التوزيع العادل للماء على المواطنين ونجاعة استعمالها في مختلف المجالات.

– إحداث الوكالة الوطنية لحماية الملك العمومي للمياه واستغلاله، التي تكلف أساسا بمراقبة وحماية الملك العمومي للمياه.

–  تعويض مجامع التنمية في قطاع الفلاحة والصيد البحري الناشطة في قطاع المياه بالمجامع المائية ذات مصلحة عمومية.

وبناءا على المادة 44 من الدستور:”الحق في الماء مضمون…. من واجب الدولة والمجتمع الحفاظ على المياه وضمان ترشيد استغلالها “واعتبارا لكون مجابهة ندرة المياه هي القضية الرئيسية للتنمية المستدامة والأمن الغذائي في تونس ولمجابهة التحدي الهام والمتمثل في إرساء الأمن المائي على المستويين الوطني والجهوي وعلى المدى المتوسط والبعيد، أفاد السيد سمير الطيب أن وضع رؤية وإستراتيجية للتصرف في قطاع المياه يعتبر من أهم وأؤكد الأولويات بالنسبة للحكومة ولكافة المواطنين وتمشيا حتميا يهم تدخل جميع كل من يهمه الأمر: إدارة، فاعليين اقتصاديين، مجتمع مدني، جماعات عمومية، فلاحين وكل مستعملي المياه بصفة عامة، مبينا أن الوزارة شرعت في إعداد دراسة استشرافية للمياه في أفق 2050. وأنه من خلال مشروع هذه المجلة، فإن وزارة الفلاحة تعمل على ترشيد استهلاك المياه باعتبار النواحي التشريعية لضمان ديمومة المنظومات المائية وتحسين التصرف فيها وبمقاربة تشاركية مع المنتفعين بالمشاريع.