أشرف السيد سمير الطيب وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري اليوم الخميس 20 أكتوبر 2016 بمقر الوزارة على حفل توقيع اتفاقية استلام هبة من الطرف الاسباني لإعادة توطين الغزال الأطلسي ببلادنا،بين الإدارة العامة للغابات والمجلس الأعلى الاسباني للبحوث العلمية بحضورسعادة سفير إسبانيا بتونس و رئيس المجلس الأعلى للبحوث العلمية بإسبانيا و السيد ممثل منظمة الأغذية و الزراعة للأمم المتحدة و السيد ممثل الوكالة اليابانية للتعاون الدولي والسيد ممثل الوكالة الفرنسية للتنمية وممثلين عن كل من وزارة الدفاع الوطني ووزارة الشؤون المحلية والبيئة والسيد رئيس الجمعية التونسية للحفاظ على الحياة البرية، وعدد من الجمعيات البيئية.
ويأتي هذا الاتفاق في إطار البرنامج الوطني للمحافظة على الحياة البرية بتونس حيث قامت الإدارة العامة للغابات بالتعاون مع المجلس الإسباني الأعلى للبحوث العلمية بجلب 43 رأس غزال من اسبانيا، على دفعتين خلال الفترة الممتدة بين 18و20 أكتوبر2016، لإعادة توطينها بالحديقة الوطنية بالسرجبعد أن انقرض من المنطقة منذ سنة 1890.
وبالمناسبة قدم وزير الفلاحة جزيل الشّكر إلى المملكة الاسبانية على دعمها للقطاع الفلاحي والغابي ببلادنا كما توجه بالشكر إلى كافة الأطراف المشاركة في المساعدة على إنجاز عملية إعادة توطين الغزال الجبلي بتونس وعلى رأسهم الهياكل المختصة بوزارة الدفاع الوطني. وأكد الطيب أن هذه الخطوة هي رسالة للإرهابيين مفادها أن «غاباتنا ملكنا وليست ملككم”. وأن إعادة الحياة في الغابات التونسية هي إستراتيجيتنا للمرحلة القادمة وذلك بخلق مشاريع لإعادة توطين بعض الحيوانات المنقرضة وكذلك لإعادة توطين سكان الغابات بعد أن هجروها لأسباب إرهابية.
وأفاد الطيب أن مصالح الإدارة العامة للغابات قامت بالتعاون مع الإدارة العامة للبيئة وجودة الحياة بتهيئة المنطقة من خلال تحسين المسالك وبناء متحف بيئي وفضاء للاستراحة ومراصد. وإثر ذلك تم تسييج محيط الحديقة وتهيئة زرائب لقبول وتأقلم الغزال بالمنطقة، مضيفا أنه علاوة عن الأهمية البيئية لهذه العملية، ستمكن الحديقة من لعب دور اقتصادي هام بالنسبة لمتساكني ولاية سليانة وخاصة مناطق سيدي حمادة وسيدي بن عيسى وسيدي مرشد وسيدي دسمان والغمايلية من معتمدية برقو. كما أشار إلى أنه وفي مرحلة ثانية، من المبرمج إثر تكاثر هذا النوع من الغزال، سيتم نقل جزء منه إلى الحدائق الوطنية الأخرى بولايات الوسط التونسي وبذلك من المؤمل إعادة تواجد هذا الغزال بجل مناطق جبال الأطلس أو الظاهر التونسي.
هذا وقد أوضح الطيب أنه طبقا لتقارير الخبراء ينقرض على المستوى العالمي يوميا قرابة 100 نوع من النباتات والحيوانات البرية وإن المحافظة على هذه الثروات الطبيعية والتسيير المحكم لها أصبح يشكّل اليوم إحدى الأولويّات القصوى للتعاون الدولي والثنائي، باعتبار ما شهدته هذه الثروات من استنزاف عبر العصور. مضيفا أن تونس مرت على غرار جل بلدان العالم، بعديد من المراحل التاريخية أثرت سلبا على الكساء الغابي والثروة الحيوانية وقد نتج عن كل هذه العوامل تدني سريع للمساحات الغابية التي تقلصت من حوالي 3 مليون هكتار في بداية العهد الروماني إلى 1 مليون هكتار سنة 1929 ليصبح 400 ألف هكتار سنة 1956. وأن الدولة التونسية قد انتبهت في بداية عهد الإستقلال إلى خطورة وانعكاسات اضمحلال الغطاء الغابي على التربة و المياه والإنتاج الغابي والفلاحي بصفة عامة، فوضعت مخططات لإعادة التشجير وتنمية الوسط الغابي أقرت سنة 1958 العيد الوطني للشجرة. ولتحقيق ذلك تم إرساء منظومة متكاملة للتصرف والإدارة المستديمة بكافة المنظومات الإيكولوجية.
كما أضاف وزير الفلاحة أن بلادنا عرفت اندثار العديد من الحيوانات البرية نخص بالذكر منها النعام والغزال والمها و أبو حراب والقط النمر والعديد من الطيور من جراء الصيد العشوائي وتدهور النظم الإيكولوجية الخاصة بها من غابات ومراعي وسباسب وصحراء.
وبين الطيب أن الغابات والمراعي الطبيعية تغطي حاليا ثلث المساحة الجملية للبلاد تقريبا وتمتد على مساحة تقدّر بحوالي 5.6 مليون هكتار منها 1.3مليون هكتار غابات و4.3 مليون هكتار من المراعي الطبيعية.
وذكّر الوزير، أنه إضافة لمنافعه البيئية، يوفّر القطاع الغابي والرعوي بتونس خدمات اجتماعية متعددة لقرابة مليون ساكن تونسي أي ما يقارب 10% من سكان البلاد يعيشون ضمن الفضاء الغابي وجواره ويساهم بنسبة 15 إلى 25% في تغطية الحاجيات العلفية للماشية و14% من حاجيات الطاقة للبلاد علاوة عن مساهمة المنتوجات الغابية غير الخشبية بنسبة 30% من المعدل السنوي للدخل العائلي لمتساكني الغابات.
ويضم قطاع الغابات والمراعي أهم المدخرات الوراثية الحيوانية والنباتية إذ يحتوي على قرابة 2200 صنف نباتي و500 صنف حيواني.
ويساهم القطاع في إقرار التوازن البيئي من خلال شبكة المحميات التي تضم 17 حديقة وطنية و27 محمية طبيعية و256 منطقة رطبة من بينها 41 منطقة رطبة ذات أهمية عالمية مصنفة ضمن اتفاقية رمسار.
وأكد السيد سمير الطيب أن وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري أعدت استراتيجية التنمية المستدامة للغابات والمراعي 2015-2024 وتم الاعتماد على نتائج تقييم الإستراتيجية الغابية السابقة والدراسات التحضيرية ونتائج المشاريع المنجزة علاوة عن الاستشارات الوطنية والجهوية بمشاركة ممثلي كل الأطراف المعنية من وزارات والمجتمع المدني و القطاع الخاص.