افتتح السيد سمير الطيب وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري اليوم الثلاثاء 06 ديسمبر 2016 الندوة الوطنية حول الاقتصاد الاجتماعي والتضامنيالتي ينظمها الاتحاد العام التونسي للشغل يومي 6 و7 ديسمبر 2016 تحت شعار “الشركات التعاونية المركزية للحبوب والبذور بين الواقع والأفاق” بالمعهد الوطني للبيداغوجيا والتكوين المستمر الفلاحي بسيدي ثابت، بحضور السيد المولدي الجندوبي الأمين العام المساعد للإتحاد العام التونسي للشغل المكلف بالتشريع و النزاعات والسيد عبد المجيد الزار رئيس الإتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري والسيد عبد الرزاق القرامي كاتب عام جامعة الفلاحة.

وبهذه المناسبة أفاد الطيب أن موضوع الندوة يكتسي بالفعل أهمية قصوى على صعيدين اثنين حيث تكمن الأهمية الأولى في أن قطاع الحبوب والبذور قطاع إستراتيجي بامتياز بالنسبة لوزارة الفلاحة وللبلاد بصفة عامة. مضيفا أنه يعتبر أول القطاعات المعنية بضمان الأمن الغذائي، والاكتفاء الذاتي من الحبوب، وبتوازنات الميزان التجاري الغذائي، كما أفاد أن لقطاع الحبوب والزراعات الكبرى عموما ثقله الإجتماعي.

وبين وزير الفلاحة أن الزراعات الكبرى تغطي 1.8 مليون هك أي 45 %مــن المساحة المحترثــة، أغلبـها حبـــــوب بنسبة 75 % وأعـلاف بنسبـة 21 %، وأنه يساهم بنسبة 13% في الناتج الفلاحي الخام. أما اجتماعيا فيمثل القطاع 50% من المستغلين الفلاحيين (250 ألف) منهم 160 ألفا من صغار المنتجين.

واستدرك الطيب أنه وبالرغم من تمتع هذا القطاع بدعم الدولة على جميع المستويات باعتباره قطاعا استراتيجيا وبوجود ديوان الحبوب، وهو الهيكل الساهر على تجميع الصابة وتعديل موازنات السوق بالتزود بالحبوب، فإن النتائج المسجلة لم ترتقي إلى طموح الفلاحين وانتظارات الهياكل المشرفة على القطاع. مبينا أن تحسن معدل الإنتاج للحبوب في السنوات الأخيرة، الذي بلغ 18.7 مليون قنطار مقابل 17 مليون قنطار في التسعينات، لا يغطي في كل الحالات الحاجيات الوطنية من الحبوب الغذائية والعلفية والتي تقدر بـ25 مليون طن سنويا، وتبقى نتائج هذا القطاع شديدة الإرتباط بالعوامل المناخية.  

مضيفا أن المردودية الإقتصادية للقطاع تعتبر ضعيفة، سواء بالنسبة للفلاحين، وخاصة الصغار منهم، وكذلك بالنسبة للهياكل الإقتصادية التي تدعمـه فــي عمليات ما قبـل الإنتــاج من توفير للبذور وباقي المدخلات أو هياكل التجميع والتخزين.

وبالنسبة للأهمية الثانية للندوة تتمثل في الاعتناء بالشركات التعاونية المركزية للحبوب والبذور، حيث تمثل هذه الشركات أهم حلقات المساندة لصغار الفلاحين في منظومة الحبوب.

وفي هذا الإطار أفاد الطيب أنالشركات التعاونية المركزية للحبوب والبذور مرت بعدة مراحل منذ نشأتها ويعكس مردودها الإجتماعي والإقتصادي تباين السياسات الإقتصادية والإجتماعية المنتهجة بالبلاد منذ خمسينات القرن الماضي وإلى اليوم. وأنه بالرغم من عديد البرامج الإصلاحية فإن ثقل مديونيتها الحالية يعبر عن صعوبة الأوضاع التي تمر بها. كما أكد الطيب الاهتمام الجدي للوزارةبالمشاكل التي تعرقل تطور الشركات التعاونية المركزية للحبوب مذكرا:

   – بإشرافه على جلسة أولى بالديوان دعي لها المديرون العامون ورؤساء مجالس إدارة الشركات التعاونية الأربع للحبوب والبذور وبحضور المشرفين على ديوان الحبوب وعدة إدارات مركزية منذ بداية شهر أكتوبر 2016. وكان الهدف منها البحث عن حلول مشتركة لمديونية هذه الشركات، تلتها عدة جلسات أخرى بحضور ممثل عن البنك الوطني الفلاحي خصصت لتدارس وضعية كل شركة على حدا. ولا تزال المشاورات جارية بين مختلف الأطراف. وقد وقع التشديد خلال الجلسة الأولى على وجوب إيجاد الحلول الجدية والجذرية والقابلة للتطبيق لإنقاذ الشركات التعاونية المركزية، مع تحميلها مسؤولية ضمان ديمومتها بتحسين حوكمة التصرف فيها وترشيد النفقات والرفع في نسق العمل والإنتاج. 

– وبتخصيص جلسة عمل مع السيد وزير النقل لتدارس منظومة نقل الحبوب عبر السكك الحديدية وعبر البحر أفضت خاصة إلى الترفيع تدريجيا في نسبة الحبوب المنقولة بواسطة السكك الحديدية من 9   %حاليّا إلى نسبة تقارب الـ 50 % من جملة الحبوب المنقولة، وإلى تكوين لجنة فنية مشتركة بين الوزارتين برئاسة ديوان الحبوب والشركة الوطنية للسكك الحديدية التونسية ، كلّفت خاصّة بـ:

*  ضبط برنامج عمل مشترك لإنجاح موسم الحصاد القادم ونقل الحبوب عبر السكك الحديدية

*  النظر في المسائل المشتركة والاطلاع المتبادل على برنامج عمل كل شركة

*  إعداد تصور للرفع من نسبة الحبوب المنقولة عبر السكك الحديدية

هذا، على أن تقدّم اللجنة برنامج عملها قبل موفى سنة 2016.

كما أكد الطيب أن حضوره اليوم هو تأكيدا على دعمه للشركات التعاونية بجميع أصنافها. معبرا عن سعيه الجاد لأن تكون هذه الشركات التعاونية الفاعل الأساسي في القطاع، وعلى  أن تكون المثال الذي يحتذى به في تحقيق الأهداف الإجتماعية التي من أجلها بعثت ومنها العمل اللائق لمنخرطيها ولعمالها، وفي نفس الوقت المحافظة على توازناتها المالية التي تضمن ديمومتها. مضيفا أن الشركـات التعاونية هـي إحـدى مؤسسات الإقتصــاد الإجتماعي  التضامني، وهـو الإقتصاد الذي يضـع الإنسـان في محور اهتماماته، والمنوال التنموي الذي يدفع نحو التنمية المستدامة بتحقيقه لمعادلة الديناميكية الإقتصادية والتنمية الإجتماعية العادلة والمنصفة والمحافظة على البيئة، وذلك بآعتراف منظمة الأمم المتحدة وجميع هياكلها، وليس أدل على ذلك من تخصيصها سنة 2012 للإحتفاء بالتعاضديات.

وفي هذا الصدد أفاد السيد سمير الطيب أن  وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري، وفي إطار المخطط التنموي 2016-2020، قد اتخذت خيار الإقتصاد الإجتماعي والتضامني كقطاع ثالث لمنوال تنموي جديد يلبي أهداف تشغيل الشباب في القطاع والتنمية المحلية، ويساهم من خلال مؤسساته في الترفيع في الإنتاج وتحسين القيمة المضافة للقطاع وإيجاد حلول لمشاكله الهيكلية والظرفية كتشتت الملكية وصغر حجم المستغلات وإدراج الفلاحة الصغرى في الدورة الإقتصادية.