افتتح اليوم الثلاثاء 27 ديسمبر 2016 السيد عبد الله الرابحي كاتب الدولة للموارد المائية والصيد البحري أشغال الندوة الجهويةحول “الحوكمة الرشيدة في التصرّف في منظومات الماء الصالح للشرب بولاية بنزرت”.
وبهذه المناسبة أفاد الرابحي أن التصرف التشاركي يعد خيارا استراتيجيا راهنت عليه بلادنا منذ الثمانينات نظرا لتجذره على مر السنين حيث يرجع إحداث أول جمعية ري لسنة 1896 تلتها إحداث جمعيات مالكي الواحات سنة 1912 والجمعيات ذات المصلحة المشتركة سنة 1936. مبينا أن هذا الخيار يرتكز كذلك على الإصلاحات الهيكلية التي قامت بها الدولة والتي ترمي إلى التخلي التدريجي عن الأنشطة التنافسية لفائدة القطاع الخاص والمجتمع المدني.
كما بين كاتب الدولة أن إحالة التصرف في أنظمة تزويد التجمعات الريفية بالماء الصالح للشرب والري لفائدة مجامع مائية محلية جاءت تكريسا لمبدأ اللامركزية وممارسة الديمقراطية المحلية. موضحا أن الدولة أرست إستراتيجية وطنية للنهوض بهذه المجامع سنة 1992 والتي تم من خلالها تحديد الأدوار بين كافة المتدخلين ووضع الأطر القانونية اللازمة، حيث تقوم الدولة بإنجاز الأنظمة المائية وتقديم الإحاطة الفنية اللازمة في حين تقوم المجامع المائية بإستغلال وصيانة الأنظمة المائية لضمان ديمومتها.
وصرّح الرابحي أن العدد الجملي للمجامع المائية بلغ في موفى سنة 2015 حوالي 2670 مجمع منها :
- 1400 مجمع ينشطون في مجال التزود بالماء الصالح للشرب ويتصرفون في حوالي 1700 منظومة مائية تزود حوالي 1.6 مليون مواطن بتكلفة استثمار جملية تناهز 1.5 مليون دينار.
- 1270 مجمع في مجال الري يتولّون التصرف في حوالي 215 ألف هكتار من المناطق السقوية العمومية، (أي حوالي 90 % من مجموع المناطق السقوية العمومية) لفائدة 145 ألف فلاح وبتكلفة استثمار جملية تقدر بـ 2.5 مليار دينار.
كما أكد الرابحي أن هذه المجامع مرّت إجمالا بثلاثة مراحل وهي :
-المرحلة الأولى من 1992-1999: اعتبرها الرابحي ناجحة نسبيا حيث تمكنت هذه المجامع منذ بعثها من التصرف المرضي في الأنظمة المائية والقيام بكل الأشغال المناطة بعهدتها بما في ذلك الإستغلال والصيانة وذلك نظرا لبساطة هذه الأنظمة من حيث البنية التحتية والتجهيزات (بئر وخزان وبعض الحنفيات العمومية/مآخذ مياه الري) وتجذر طبيعة التضامن والتآزر بين المنتفعين بساطة الأنظمة المائية وسهولة استغلالها أنظمة المائية.
-المرحلة الثانية من 1999الى2004: والتي اعتبرها متوسطة نتيجة (1) تعقد الأنظمة المائية بعد تمديد الشبكات نظرا لندرة الموارد المائية ذات النوعية الجيدة وإنجاز بعض محطات الضخ وتكثيف الحنفيات العمومية (2)تكاثر ظاهرة الربط العشوائي (3) قلة الإمكانيات الراجعة بالنظر للإدارة (4) وكذلك تطور الأنماط الاجتماعية والاقتصادية للعيش بالمناطق الريفية وتلاشي عقلية العمل الجمعياتي.
-المرحلة الثالثة من 2004 إلى الآن : قال الرابحي أنها تعتبر غير مرضية بالرغم مما وفرته مصالح وزارة الفلاحة من مساندة وإحاطة فنية (بمعدل مليون دينار سنويا) نتيجة العديد من الإشكاليات (1) محدودية العمل التطوعي في ظل تعقد الأنظمة المائية وندرة الموارد المائية على المستوى المحلي (2) بعض الغموض في توزيع الأدوار بين مختلف الأطراف المتدخلة (3) وكذلك تفشي ظاهرة الربط العشوائي على شبكات الماء الصالح للشرب والري (حوالي 152 ألف توصيلة فردية في موفى 2015) (4) غياب شبه كلي للرقابة ومتابعة المخالفين
هذا وأقر الرابحي بأن هذا الوضع تفاقم بعد الأحداث التي عرفتها البلاد بعد 14 جانفي 2011 حيث لوحظ:
– عزوف عدد هام من المنتفعين على خلاص معاليم الماء (الماء الصالح للشرب والري)،
– تفاقم مديونية المجامع وتخلي نسبة هامة من هذه المجامع عن القيام باشغال الصيانة،
– عدم خلاص المجامع لمعاليم الطاقة وشراء الماء،
وفي هذا الإطار قال الرابحي إن وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري قامت لتفادي هذه الإشكاليات بإرساء إستراتيجية وطنية لإستدامة الأنظمة المائية في الوسط الريفي ترتكز أساسا على مواصلة الإحاطة بالمجامع المائية وتنشيطها حتى تؤدي الدور المناط بعهدتها. وأنه تم انجاز 4 مشاريع إحاطة فنية بتكلفة 7 مليون دينار بين سنة 2012 و2015 ممولة في إطار برنامج الاستثمار في قطاع المياه PISEAU II موزعة على العديد من الولايات بما في ذلك ولاية بنزرت.
ولتأمين تزويد المناطق الريفية بالماء الصالح للشرب خلال شهر رمضان وصائفة 2017 وتفاديا لكل الإضطرابات التي حصلت خلال الصائفة المنقضية، أفاد الرابحي أنه تم توجيه منشورا عدد 244 المؤرخ في 27 أكتوبر 2016 لكل السادة المندوبين الجهويين للتنمية الفلاحية وعقد العديد من جلسات العمل بمقر الوزارة وبحضور كافة الأطراف المتدخلة، تم من خلالها إقرار مخطط عمل متكامل لبلوغ الأهداف المرسومة بالنسبة لكل الولايات، بمتابعة لصيقة من طرف لجنة قيادة قطاع المياه تحت إشراف السادة الولاة.
وفيما يخص ولاية بنزرت، أكد الرابحي أن مخطط العمل يشمل تدعيم الموارد المائية بالضفة الجنوبية للولاية بالنسبة للتزود عن طريق الشركة الوطنية لإستغلال وتوزيع المياه.
وعلى هامش الندوة قام السيدعبد الله الرابحي كاتب الدولة للموارد المائية والصيد البحري بزيارة ميدانية إلى كل من:
– معتمدية سجنان حيث اطلع على تقدم أشغال إنجاز محطة المعالجة بالقتمة في إطار
مشروع المحاور الكبرى في إطار تحسين التزويد بالماء الصالح للشرب بالمنطقة
– الإطلاع على أشغال ربط القنوات في إطار تدعيم الضفة الجنوبية ببنزرت بالماء الصالح للشرب