أشرف اليوم الاثنين  17جويلية 2017،السيد سمير الطيب وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري على افتتاح مؤتمر “الأمن الغذائي والمائي العربي” بولاية باجة الذي تتواصل فعالياته خلال أيام 17 و18 و19 جويلية  2017،والذينظمه مركز جامعة الدول العربية بتونس بالتنسيق مع ولاية باجة والمندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بالجهة. وذلك بحضور ثلة من الخبراء التونسيين والعرب.

وفي هذا الإطار أفاد وزير الفلاحة أن عوامل الفجوة الغذائية التي يعاني منها الوطن العربي تتلخص في عدم تغطية حجم الإنتاج لحجم الاستهلاك وما ينجر عنه من استيراد لتغطية العجز، بالإضافة إلى انعدام إستراتجية إقليمية لتعزيز الأمن الغذائي في المنطقة. مبينا أن حل المشكل الغذائي في المنطقة لن يتحقق إلا من خلال تنفيذ إستراتجية محكمة ومتكاملة لتحقيق التنمية الزراعية المستدامة، تهدف إلى زيادة الإنتاج كما وكيفا وتحسين أداء وفاعلية القطاع ورفع الإنتاجية من ناحية وتنمية التجارة البينية بين دول المنطقة وتحسين القدرات التسويقية من ناحية أخرى.

كما أضاف وزير الفلاحة أن التغيرات المناخية من جفاف وفيضانات تعتبر عاملا ثانيا للفجوة الغذائية، مبينا أن التأقلم مع هذه التغيرات يبقى الحل الأنسب وأن هذا الحل يتطلب عديد المعطيات المتعلقة بالمناخ وتطوره، وأن الأخذ بعين الاعتبار للتغيرات المناخية عند رسم السياسات الفلاحية يعد من ثوابت السياسات التنموية.

وفي هذا السياق ثمن الطيب مجهودات جامعة الدول العربية التي  تلعب دورا محوريا لدعم الشراكة الفاعلة بين دول المنطقة والتي تعتمد على مبدأ الحوار وتبادل الآراء والخبرات في مجال التخطيط وتنفيذ البرامج الإنمائية المستقبلية المتكاملة والبناءة بكل حكمة وفعالية.

وفي ما يخص سياسة  بلادنا  في مجال الأمن الغذائي أفاد وزير الفلاحة أنه بالاعتماد على مبدأ أن الأمن الغذائي يعد من مقومات السيادة واستقلالية الشعوب، أولت تونس من خلال سياستها عناية خاصة بموضوع الأمن الغذائي في إطار الإستراتيجية الوطنية للتنمية،. وأن سياسة التنمية في تونس حرصت منذ الاستقلال على الملائمة بين الأبعاد الاقتصادية والأبعاد الاجتماعية. موضحا أن قطاع الفلاحة والصيد البحري مثل أحد الركائز الأساسية للاقتصاد الوطني وساهم في تحقيق جملة من الأهداف التنموية للبلاد والمتمثلة في الترفيع في نسبة النمو الاقتصادي وتعزيز الأمن الغذائي وتطوير الصادرات وخلق مواطن الشغل وتثمين الموارد الطبيعية والمحافظة عليها. وأنه ساهم  في تنمية الجهات والمناطق الريفية وفي دفع الصناعات الغذائية.

كما أكد الطيب أن الإنتاج المحلي يغطي كافة حاجياتنا بالنسبة للعديد من المواد على غرار الخضر والغلال والألبان ومنتجات الدواجن، وأنه يغطي تقريبا كافة حاجياتنا من اللحوم الحمراء (98%)، مضيفا أنه يوجد جزء هام من الإنتاج يتم تصديره.

وشدّد الطيب على أن تونس توصلت إلى ضمان أمنها الغذائي بصفة مستديمة بفضل السياسات المتبعة والإجراءات المتخذة، وأن بلادنا تعدّ بعيدة عن الأوضاع المحرجة المسجلة في بعض البلدان التي تجابه المجاعة وسوء التغذية وبالتالي انعدام الأمن الغذائي، موضحا أن المنتجات الغذائية الأساسية وغير الأساسية دائما متوفرة بصفة مسترسلة ومنتظمة، وأنه لم يسجل أي اختلالات هامة بين حاجيات المواطنين والمتوفرات، حتى في الفترات الصعبة (ولا سيما سنوات الجفاف والأحداث التي شهدتها البلاد سنة 2011).

وفي ما يخص  مجال المياه  أفاد وزير الفلاحة أنه في إطار الإستراتيجيات الوطنية لتعبئة الموارد المائية  تم تركيز شبكة متكاملة من المنشآت المائية شملت إحداث 35 سدّا كبيرا و223 سدّا تليا و1000 بحيرة جبلية و22 ألف بئر عميقة و150ألف بئر سطحية ومنظومة من محطّات التحلية ومنشآت لفرش المياه وتغذية المائدة المائيّة الجوفية للحدّ من استنزافها وتدهور نوعيّة مياهها، إلى جانب إتمام عملية ربط السدود ببعضها البعض للتحكّم في نقل المياه وتعديل توزيع الموارد المائية بين المناطق، بالإضافة إلى  مواصلة تنفيذ البرنامج الوطني لتحلية المياه من خلال إقرار مشاريع هامة بالوسط والجنوب على غرار محطات التحلية بجزيرة جربة والزارات وصفاقس.

وأكد الطيب أنه وبالرغم من محدودية الإمكانيات الطبيعية بتونس، فقد برهن هذا التمشّي نجاح سياساتنا وخياراتنا التنموية من خلال تحقيق نتائج إيجابية، مبينا أن  نسبة تزويد الريف بمياه الشراب المستجيبة للمقاييس الصحية فاقت 95% مع تزويد المدن بهذا المرفق الحيوي بنسبة مائة بالمائة. وأن تونس تثابر على إحكام تعبئة مواردها المائية لتلبية كلّ الحاجيات المائيّة للقطاعات الاقتصادية والاجتماعية. وتؤمّن تزويد 430 ألف هكتار من المناطق السقوية بمياه الري عبر منظومة سقوية مجهّزة في جزء كبير منها بمعدّات الاقتصاد في الماء بفضل البرنامج الوطني الذي تمّ إقراره منذ سنة 1996 للاقتصاد في الماء بالمناطق السقوية بهدف إحكام التصرّف في الموارد المائيّة وترشيد استغلالها في المجال الزراعي الذي يعدّ المستهلك الأوّل لهذا المورد.

وأضاف وزير الفلاحة أنه، اعتبارا للأهميّة التي يحظى بها قطاع المياه والأولويّة القصوى لمسألة ترشيد استعمال هذه الموارد وضمان استدامتها للأجيال القادمة، تم إرساء خطّة متكاملة لتجسيم البرنامج الوطني للاقتصاد في الماء في سائر القطاعات، بهدف تحقيق نسبة اقتصاد بـ30% في أفق سنة 2030.مبينا أن الوزارة تعمل  على مزيد تكثيف الإنتاج الزراعي بالمناطق السقوية، التي لا تتجاوز مساحتها 8% من المساحات المزروعة، لبلوغ نسبة مساهمة بـ 50% من الإنتاج الوطني مقابل 35% سنة 2004.

وفي الختام أكد الطيب أن تونس تثمّن كل آليات التعاون التي أرستها جامعة الدول العربية مع التجمعات الإقليمية والمنظمات الدوليّة والدول الصديقة من أجل تطوير قدرات المنطقة في الإدارة الرشيدة للموارد المائية  وتحقيق الأمن الغذائي. مجدّدا حرص بلادنا على توطيد التعاون  مع جميع الأطراف سواء على الصعيد الإقليمي أو الدولي  لتحقيق الاستفادة المتبادلة من الإمكانات العديدة والمشاريع المختلفة.