افتتح اليوم الأربعاء 04 أكتوبر 2017، السيد سمير الطيبوزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري الندوة الوطنية لعرض دراسة حول “استراتيجية التهيئة على الأراضي الفلاحية” والمحافظة التي تأتي في إطار برنامج دعم السياسات المائية الممول من طرف الاتحاد الأوروبي في شكل هبة والتي تهدف لتقديم الاستراتيجية الثالثة للتهيئة والمحافظة على الأراضي الفلاحية التي تم بلورتها في إطار منهجية تشاركية مندمجة بتضافر جهود كل الأطراف الفاعلة في القطاع وبتنسيق من مجمع مكتبي دراسات فرنسي وتونسي BRL  وSTUDI.

وفي كلمة أكد السيد سمير الطيب أن المرحلة القادمة تقتضي تغييرا جذريا في طريقة العمل من حيث التواصل مع كافة الأطراف وتوزيع المسؤوليات وتحديد الأولويات، وذلك بهدف المحافظة على موارد المياه والتربة وحمايتها وضمان ديمومة استغلالها مع إيلاء الجانب الاقتصادي عناية خاصة من حيث تثمين الموارد المتاحة. مشددا على أن  دستور الجمهورية الثانية أقر اعتماد الحوكمة الرشيدة للموارد الطبيعية كعنصر من عناصر تكريس الحكم الرشيد وأولى عناية خاصة بدعم الحكم المحلي. وأن الاستنتاجات ضمن الدراسة  المقدمة، خلصت إلى ضرورة القيام بجملة من الإصلاحات والإجراءات على المستوى الهيكلي وعلى المستوى التشريعي، كما تم التركيز أيضا على الجانب التنظيمي للمنتفعين والمستغلين ضمانا لاستغلال ناجع ودائم للموارد مع ضمان حق الأجيال القادمة.

وفي هذا الإطار،  أكد الطيب أن المرحلة تقتضي الانطلاق الفعلي في جملة الإصلاحات الهيكلية والتشريعية المقترحة، مع العمل على تنظيم المنتفعين بما يتماشى مع متطلبات الحكم المحلي الذي جاء به الدستور. داعيا جميع الأطراف إلى الحرص على بلورة برنامج عملي يتم من خلاله ضبط مشاريع قطاعية مندمجة تكون فيه الموارد الطبيعيةأساساللتنمية المحلية ودافعا لها. مؤكدا على عنصر البحث العلمي الذي هو مدعو إلى العمل من أجل المساهمة في نقلة نوعية للقطاع تتماشي مع التوجهات المعتمدة، وذلك في المجال الفني من تثمين للمعرفة المحلية وصقلها وتحسينها مع إدخال ابتكارات جديدة خاصة في مجال الفلاحة البيئية والإيكولوجية، وفي مجال الإجراءات من حيث التصرف الناجع في الموارد الطبيعية وتنظيم المنتفعين.

كما أكد الطيب أن ترشيد استغلال المياه وتثمين مياه الأمطار من العناصر الهامة التي تستوجب التدخل العاجل نظرا لتأثير الجفاف وشح الأمطار في ضل التغييرات المناخية، هذا إلى جانب ضرورة إيلاء التربة المكانة التي تستحقها. مبينا أن وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري تعمل على وضع أسس تنمية ريفية مندمجة عن طريق منهجية تشاركية تراعي جانب المحافظة على الموارد الطبيعية وحسن التصرف فيها وتعنى بالمنتفعين من أجل تحسين ظروف العيش ووضع أسس حوكمة محلية رشيدة للتنمية.

      وفي الختام أعرب وزير الفلاحة عن أمله في أن تساهم هذه الإستراتيجية الثالثة لقطاع التهيئة والمحافظة على الأراضي الفلاحية في ضبط منهجية عمل وسياسات خاصة بالأراضي المتدهورة بهدف تحقيق مشاركة أكبر وأوسع للمستفيدين في مرافقة الجهد الوطني لحماية الأراضي واستصلاح التربة وبالتالي تحسين الظروف المعيشية، فضلا عن البحث عن وسائل جديدة للعمل  انطلاقا من الزاد المعرفي المحلي. داعيا كل الأطراف إلى بذل الجهود اللازمة لاقتراح مشاريع ذات جدوى عالية وعرضها على الأطراف الممولة.

وللتذكير فان تونس استثمرت لأكثر من نصف قرن في المحافظة على المياه والتربةحيث أصبحت ذات مرجعية عالمية. وقد أفضت الخطتان العشريتان الأولى والثانية إلى تهيئة حوالي 2 مليون هكتار من الأراضي ذات الحساسية للانجراف إلى جانب صيانة وتعهد مليون هكتار وإنجاز أكثر من 900 بحيرة جبلية ومنشآت مائية أخرى بكلفة جملية تناهز 1200 مليون دينارا.  إلا أن الجهد الوطني المبذول لم يمكن من القضاء على تدهور التربة أو استعادة خصوبتها، حيث وصلت نسبة المواد العضوية بها إلى أقل من 1٪ في بعض المناطق مع تفاقم واستفحال الانجراف وشتى أنواع التدهور.