في إطار تثمين المياه المشتركة وتطوير سبل التعاون في إدارتها وبيان أهميتها في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية ومواجهة مخاطر الجفاف والتقلبات المناخية، أشرف اليوم الأربعاء 20 ديسمبر 2017، السيد سمير الطيب وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري على ورشة عمل دولية حول “تعزيز التعاون في مجال المياه العابرة للحدود في منطقة شمال إفريقيا”، وذلك بحضور ممثلي المنظمات الدولية والإقليمية وممثلي الإدارات والمؤسسات الوطنيّة وعدد من الخبــراء والباحثيـن.
وفي كلمة الافتتاح أفاد السيد سمير الطيب أن بلادنا تعتَبر من ضِمن البُلدان التي تتَّصف بندرةِ مواردها المائية، وأن هذا ما استوجب اعتماد مَنهَجِيَتَيْ التعبئة القصوى للموارد وحسن إدارة الطلب عليها منذ القدم (كالفسقيات والمواجل والخزانات والآبار والقنوات والطوابي الحجرية والسدود بمختلف أحجامها والبحيرات الجبلية ومعلم الحنايا الرُّوماني)،مبينا أن تونس قد اعتمدت منذ مطلع السبعينات على خطط مديرية للمياه بالشمال والوسط والجنوب واستراتيجيات متعاقبة مكنت من تركيز شبكة متكاملة من المنشآت المائية بلغت أكثر من 36 سدا كبيرا و153 سدا تليّا وحوالي 1000 بحيرة جبلية، وكذلك إحداث منشآت لتغذية الموائد المائية ذات الاستغلال المكثف وربط السدود بعضها ببعض لتعديل المخزون المائي وتحسين النوعية كلما اقتضى الأمر ذلك.
كما بين وزير الفلاحة أن تونس أمضت على الاتفاقية الأممية لسنة 1997 المتعلقة بمجاري الأودية المشتركة منذ سنة 2000 وأنه تم المصادقة عليها سنة 2009 ودخلت حيز التنفيذ سنة 2014. مذكرا بأن هذا المنهج وقع اعتماده بين الدولتين الشقيقتين تونس والجزائر في إطار مشروع دراسة الموارد المائية الجوفية بالحوض الصحراوي منذ سنة 1972. وأنه تمّ تبادل المعلومات والمعطيات وعقد عديد الاجتماعات الثنائية تمّ خلالها مناقشة اتفاق إطاري لاستغلال المياه بالمناطق الحدودية المشتركة الجزائرية – التونسيّة وحدد من خلاله مجالات الاهتمام والتعاون، وأن أبرزها التهيئة المائية الحدوديّة، المياه الجوفيّة المشتركة، نوعيّة المياه وحمايتها من التلوّث، الوقاية من الفيضانات بالمناطق الحدوديّة، وإدارة الجفاف بهذه المناطق.
وأضاف الطيب أن بلادنا عملت وشقيقتيها الجزائر وليبيا، على التنسيق المكثف فيما بينها لإدارة الموارد المائية الجوفية المشتركة بالحوض الصحراوي، قصد استدامتها والمحافظة على نوعيتها والتوظيف الأمثل لها لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالمناطق الحدودية. مبينا أنه تمّ بعث جهاز تنسيق مستقل أطلق عليه اسم ” آلية التشاور الدائمة للحوض الجوفي للصحراء الشمالية” منذ سنة 2008، يسهر خاصّة على وضع مؤشرات حول وضعية الموارد المائية وتطور الطلب ووضع الخيارات والسيناريوهات المناسبة لإدارتها، وأن هذه الآلية عملت منذ تركيزها على بعث وتطوير قاعدة معلومات، قصد وضع استراتيجية مشتركة للإستغلال الأمثل تكفل السحب الآمن واستدامة الموارد.مضيفا أنه كان لتونس تعاون مع بقية الدول العربية والمتوسطية ومع المنظمة الأممية والهيئات المختصة الإقليمية والدولية عززت شراكاتنا ومثلت رافعة فعلية لتطوير قدرات تونس في إدارة واستثمار مواردها المائية.
وأكد الطيب أن تونس تحرص على التفاعل الايجابي مع الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالمياه، ومع اتفاقيّة لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأوروباحول حماية واستخدام مجاري المياه العابرة للحدود والبحيرات الدوليّة (اتفاقية المياه 1992)، والتي أصبح الانضمام إليها مفتوحا بالنسبة لكافة الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة منذ غرة مارس 2016. مبينا أن كل ما تقدم يأتي في إطار مواجهة التحديات التي تواجه بلداننا في مجال الموارد المائية، وما تعلق بإدارتها واستدامتها ومواجهة الوضعيات الاستثنائية كالفيضانات والجفاف.
وأوضح الطيب أن من أهم المسائل التي تشغلنا اليوم في تونس هي :
· ضعف الموارد المائية التقليدية وارتفاع الطلب عليها.
· الاستغلال المكثف للموارد المائية الجوفية.
· انتشار ظاهرة الحفر العشوائي وتفاقمها خلال السنوات الاخيرة.
· تزايد مخاطر تلوث الموارد المائية وتراجع نوعيتها،
· تقادم آبار الاستغلال العميقة خاصة في الجنوب التونسي.
· تحديات اقتصادية جرّاء ارتفاع تكلفة الاستثمار والاستغلال والصيانة لمختلف المنشآت المائية.
· صعوبات تتعلق بالأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والمناخية التي عرفتها البلاد خلال السنوات الأخيرة.
وفي هذا الصدد، دعا الطيب إلى توسيع دائرة الشراكة والتعاون وتبادل المعطيات والخبرات والتجارب لمضاعفة فرص النجاح في تجاوز هذه المشاغل المتشابهة بمنطقة شمال إفريقيا وتطوير وضعية الموارد المائية المشتركة بين دول المنطقة وتحقيق الإنتظارات المرجوة .