في إطار الاحتفال باليوم العالمي للمرأة الريفية، شارك اليوم 26 اكتوبر  2018 السيد بوبكر الكراي رئيس ديوان وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري في افتتاح أشغال الندوة العربية لـ”مناصرة إدماج النساء العاملات في المناطق الريفية وتمكينهن”، التي تنظمها وزارة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السن بالتعاون مع منظمة العمل الدولية في إطار الاحتفال باليوم العالمي للمرأة الريفية، وذلك بحضور وزيرة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السن ووزير الشؤون الإجتماعية وممثل منظمة العمل الدولية بتونس ورئيس الإتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري.

وبالمناسبة أفاد السيد بوبكر الكراي أن نسبة النساء في المناطق الريفية تمثل ثلث النساء في تونس (32.4%) ونصف السكان في الوسط الريفي (50.2%). وأن المرأة تضطلع بدور هام في الدورة الاقتصادية حيث يعتمد القطاع الفلاحي بدرجة أولى على قوة العمل النسائية ويستوعب حوالي نصف مليون امرأة (43% من النساء النشيطات في الوسط الريفي).مؤكدا أن المرأة الفلاحة تلعب دورا هاما في تأمين حاجيات عائلتها وحاجيات كل التونسيين، من الغذاء. وأنها تنشط غالبا في الفلاحة العائلية أو الصغرى التي تعوزها الإمكانيات  وتمارس النشاط الزراعي إما كأجيرة أو معينة عائلية في الزراعة المعيشية وفي بعض الأحيان كمالكة وصاحبة القرار في ضيعتها.

كما أكد الكراي أنه انطلاقا من أهمية مساهمة المرأة في النشاط الفلاحي، كان من الضروري ايلائها الأهمية والمكانة التي تستحقها في البرامج التنموية وتعزز حضورها في الدورة الاقتصادية من خلال التكوين والحصول على الخدمات الإنتاجية من إرشاد ودعم وتمويل والانخراط في الهياكل المهنية في الفلاحة والصيد البحري، إضافة إلى تمكينها اقتصاديا واجتماعيا وتهيئة المناخ الملائم للنهوض بأوضاعها في مختلف المجالات لتواكب التحولات الاقتصادية والاجتماعية في محيطها القريب والبعيد.

وبين الكراي أن أنه ومقارنة بما تم بذله من جهد في هذا المجال، ضلت المرأة الريفية في مستوى أقل مما بلغته المرأة والمجتمع عامة وضلت درجة إدماجها في مسار التنمية واستثمار كل طاقتها الاقتصادية الكامنة دون المطلوب، رغم أن النساء في نظر القانون يتمتعن بنفس الحقوق مثل الرجال إلا أنهن أكثر عرضة للبطالة والفقر والهشاشة ويواجهن ظروف العمل الأقل تأمينا والأكثر خطورة سواء كان عملا مؤجرا أو نشاطا منزليا أو عملا بالقطاع الموازي وينتج عن هذه العوامل ضعف في التأجير بموجب العمل الوقتي والهش ونظام التعاقد الجائر وفي المقابل أنظمة حماية غير ملائمة وجراية تقاعد لا تفي بالحاجة وتعتبر المرأة الريفية الأكثر هشاشة  (32% أميات و 19.3% لهن مورد رزق خاص) وأنه لا تزال الخلفية الثقافية والاجتماعية والاقتصادية تمثل حاجزا أمام حق المرأة في التمتع بشغل لائق وأجر مناسب.

وأوضح رئيس ديوان وزير الفلاحة أن المرأة الريفية النشيطة اقتصاديا تظل مقصية من نظام الحماية الاجتماعية رغم دورها ومشاركتها الواسعة في تنمية القطاعات الاقتصادية لا سيما الفلاحية منها. وأن هذه الوضعية تقترن بصعوبات أخرى تخص ظروف العمل غير اللائقة وغير المشمولة بالرقابة، موضحا أن النساء العاملات في الوسط الريفي في غالب الأحيان هن عرضة لعديد المخاطر ذات الصلة باستعمال المبيدات والأدوية وفي علاقة بنقص عوامل النظافة وكيفية تنقلها في ظروف مهينة وخطرة ومخالفة للقانون وفي حالة تعرض لحادث شغل أو الإصابة بأمراض مزمنة. وأن نظام التغطية الاجتماعية لا يوفر للعاملات الفلاحات الحد الأدنى من الحقوق والمنافع.

وأفاد السيد بوبكر الكراي أن العقد الاجتماعي المبرم بين الأطراف الاجتماعية سنة 2013 كان قد أكد على حاجة البلاد لمنوال تنموي جديد قادر على تجسيم إرادة الشعب التونسي بناء جمهورية مدنية وديمقراطية واحترام حقوق الإنسان والعدالة والمساواة ومقاومة جميع أشكال الإقصاء والتهميش بما يضمن التماسك الاجتماعي وتوفير ظروف عيش لائقة لجميع شرائح المجتمع. وأن منظومة الحماية الاجتماعية تشكل احدى دعائم هذه السياسة وأن الضمان الاجتماعي وبرامج النهوض والرعاية الاجتماعية يمثلان مكونين أساسيين لهذه المنظومة. مضيفا أن دستور الجمهورية التونسية لسنة 2014 كذلك أكد التزام الدولة بحماية حقوق المرأة وضمان التغطية الصحية اللائقة والتغطية الاجتماعية للجميع.

وقال الكراي ان توضيح وتنظيم العلاقة الشغيلة بين الأطراف الاجتماعية، في اشارة للاتفاقية الإطارية المشتركة الممضاة بين وزارة الفلاحة والإتحاد العام التونسي للشغل والإتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري، من شأنه أن يساعد على تهيئة ظروف العمل الملائمة التي تحفز على تحسين الإنتاج وتطوير الإنتاجية وبالتالي تساهم في الارتقاء بالمردودية. مبينا أن هذه الاتفاقية تجسم إرادة المنظمة الفلاحية في تطوير العلاقات الشغلية وإحكام تنظيمها حتى يصبح العامل الفلاحي واعيا بحقوقه وواجباته،وأنها تفتح مجالا واسعا لتأهيل القطاع الفلاحي وستكون فاتحة لتوقيع اتفاقيات قطاعية أخرى تجعل من القطاع الفلاحي قادرا على توفير المزيد من فرص الشغل.

وفي الختام أفاد السيد بوبكر الكراي أن التعاون القائم بين وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري ووزارة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السن في مقاومة البطالة ودعم التشغيل الذاتي للنساء في المناطق الريفية، يحقق تمكينهن الاقتصادي والاجتماعي ويساهم في دفع الحركة الاقتصادية بالبلاد وخاصة بالمناطق ذات الأولوية في التنمية، مبينا أنه تم سنة 2016 إمضاء اتفاقية تعاون بين الطرفين تهدف بالأساس إلى تحسين تشغيلية المرأة في المناطق الريفية وتحقيق تمكينها الاقتصادي والاجتماعي وتيسير مشاركتها الفاعلة في الحياة العامة وتعزيز مساهمتها في التنمية المستدامة. وأن هذه الاتفاقية تأتي في إطار تنفيذ الإستراتيجية الوطنية للتمكين الاقتصادي والاجتماعي للفتيات والنساء في الوسط الريفي لإرساء آليات خصوصية لتمكين النساء العاملات في الوسط الريفي وفي القطاع الفلاحي على وجه الخصوص من الانتفاع بالتغطية الاجتماعية  لتعزيز وإثراء التعاون بيننا وبمعية شريكتنا وزارة الشؤون الاجتماعية.