افتتح اليوم الاثنين 2 نوفمبر 2015 بمدينة جربة السيد سعد الصديق وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري الملتقى الدولي حول مكافحة التصحر وحصاد المياه في المنطقة العربية بحضور والي الجهة والمدير العام للمركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة (أكساد) وقد عبر في كلمة الافتتاح التي ألقاها عن ارتياحه لعلاقات التعاون القائمة حاليا بين وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري و (أكساد) متمنيا مزيد الرفع من مستوى هذا التعاون.
وفي إشارة إلى أهمية تنمية المناطق الجافة التي تعتبر إحدى التحديات التي تواجه العالم اليوم أبرز الوزير أن هذه المناطق الجافة وشبه الجافة تغطي حوالي 48 مليون كلم²،وهي تتحمل عبئ حوالي مليار ساكن حول العالم، كما أن نسبة 75% من مساحة هذه المناطق هي عبارة عن صحاري طبيعية أو أراضي مهددة بالتصحّر. أمّا على الصعيد العربي فهنالك حوالي 66 % من الأراضي غير صالحة لأي نوع من الزراعة ما لم تتوفر الموارد المائيّة اللازمة.
كما أشار أن أشغال مقاومة التصحر بالجنوب التونسي انطلقت منذ سنة 1888 وذلك إثر صدور قرار 31 اكتوبر 1886 الذى أمر بتكليف مصلحة الغابات أنذاك بحماية واحات قبلي، توزر ونفطة من زحف الرمال ومنذ بداية الاستقلال أولت الدولة أهمية خاصة لمشكلة التصحر وبتنفيذ أول مخطط تنمية (1962-1964)، حيث تم تنفيذ وإنجاز عدة أشغال كبرى تضمنت مقاومة زحف الرمال بالمناطق المهدّدة (الواحات وسكك الحديد والمساكن) كما تضمّنت أشغال تثبيت بالغراسات للكثبان الرملية وحملات تشجير غابي ورعوى لتنمية الغطاء النباتي. وأفاد الوزير أن تونس كانت إحدى أولى الدول التي صادقت على اتفاقية مكافحة التصحر بإمضائها على المعاهدة في جوان 1994 والمصادقة عليها في 22 جانفي 1996 (قانون عدد 52-95) وقد تمّ في هذا المجال إنجاز خطة عمل وطنية لمكافحة التصحر سنة 1998وتُعدّ إطار عام لكلّ الاستراتيجيات القطاعية والبرامج والمشاريع التي لها علاقة بمكافحةالتصحر على المستوى الوطني (التشجير، المحافظة على المياه والتربة، المراعي، البحث العلمي في مجالالتصحر…)مع المشاريع الأفقية كدعم القدرات والمتابعة والتقييم عبر المؤشرات ودعم الجمعيات والحملات التحسيسيّة.
كما تم إعداد برامج عمل جهوية (12برنامجا) ومحلية (12) في أغلب الولايات الأكثر عرضة للتصحر (1997 – 2010). وفي هذا الإطار ركزت بلادنا مجهوداتها في إعداد استراتيجيات قطاعية مختلفة وبرامج وطنية ومحلية تعتبر قاعدة وآليات للتخطيط على المستويات الوطنية والجهوية والمحلية وأهمها الاستراتيجية الوطنية للمحافظة على المياه والتربة والاستراتيجية الوطنية لتعبئة الموارد المائية والخطة الوطنية للتنمية الغابية والرعوية ومقاومة زحف الرمال و الخطة الوطنية للنهوض بالقطاع الغابى والرعوي 2001-2011 وبالنسبة إلى أهمية البحث العلمي أفاد السيد الوزير أنه من أهمّ أسس السياسة التنموية، إذ أصبح الربط بين البحث العلمي والمؤسّسة الاقتصادية الهدف الأوّل للمسار التنموي باعتبار أنّ المؤسسة الاقتصادية لا تتطوّر إلا بتطوّر البحث العلمي كما أنّ البحث العلمي لا ينمو إلا إذا ما ارتبط بالمؤسّسة الاقتصادية
تخصص تونس حاليا قرابة 1% من الناتج الداخلي الخام للبحث العلمي وهي نسبة مرتفعة مقارنة بعدة دول أخرى وأصبحت تتوفر لتونس اليوم منظومة وطنية للبحث العلمي تشتمل على 33 مركز بحث و277 مخبر منها 11 تخص القطاع الفلاحي و304 وحدة بحث ينشط فيها حوالي 16000 باحث منها 4 في المائة في القطاع الفلاحي. ويضاف لهذه المنظومة 10 أقطاب تكنولوجية في مختلف الاختصاصات موزعة على كامل تراب الجمهورية.
وفي هذا الإطار يحظى القطب التكنولوجي بمدنين برعاية خاصة نظرا لما يمكن أن يوفّره هذا الفضاء من دعم لتنمية المناطق الجافة وتثمين ثرواتها، كما ستوجّه الجهود إلى تثمين نتائج البحث العلمي في مستوى التجديد وتطوير الإنتاج.
ويقوم معهد المناطق القاحلة بمدنين بمجهودات كبيرة سعيا لتدارك النقص الحاصل في المختصين في فلاحة المناطق الجافة ومقاومة التصحر والتصرف في الموارد بالمناطق الجافة من أجل تنمية مستدامة. اذ أحدثت بالمعهد عدة أنشطة تهتم خاصة بتنظيم دورات تكوينية وتأطير الطلبة والمتربصين. كما شرع المعهد منذ أكتوبر 2001 بالتعاون مع المعهد الوطني للعلوم الفلاحيّة بتونس في تدريس طلبة ماجستير “مقاومة التصحر والتصرف في الموارد بالمناطق الجافة” وماجستير دولي بالتعاون مع جامعة الأمم المتحدة بطوكيو (اليابان) وجامعة تتوري (اليابان) ومعهد الصحراء بالصين وإيكاردا (مارس 2005). كما قام المعهد منذ إحداثه بتنظيم حوالي 60 دورة تكوينية إقليمية ودولية لتنمية الكفاءات في مجال مقاومة التصحر والحدّ من تدهور الموارد الطبيعية.