خلال مجلس وزاري انتظم صباح اليوم الجمعة 27 جويلية 2019 بالقصبة، وتحت اشراف السيد يوسف الشاهد رئيس الحكومة، تمت المصادقة على مشروع القانون الأساسي المتعلق بإصدار مجلة المياه.

علما وأن مشروع مجلة المياه جاء نظرا لتعدد المنشآت والبنية الأساسية المائية خلال العقود الفارطة إضافة إلى تأثيرات التغيرات المناخية ومحدودية الموارد المائية وشدّة التنافس على طلبها ممَّا إنجرَّ عنه اضطرابات كبرى في التوازنات المائية المعهودة، حيث أصبحت مقتضيات هذا القانون غير ملائمة لمتطلبات المرحلة الحالية ولا تستجيب لضروريات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والصحية والبيئية للبلاد مع عدم تطابقها مع مقتضيات دستور الجمهورية الثانية الذي كرَّس الحق في الماء وواجب المحافظة عليه وترشيد استغلاله من قبل الدولة والمجتمع.

كما أنه تبين وجود عديد النقائص بمجلة المياه لسنة 1975 من بينها:

  • الاستغلال المفرط والمكثف للخزانات المائية الباطنية الذي فاق الطاقة المسموحة بها لعدم شمولية أحكام المجلة الحالية وتوجهها أساسا نحو العرض،
  • غياب البرمجة المندمجة للثروة المائية على الصعيد المحلي والجهوي والوطني،
  • عدم تنظيم مهنة التنقيب عن المياه مع تطور التقنيات والأساليب التي مكنت من النفاذ إلى الموارد بسهولة،
  • عدم نشر المعلومة المتعلقة بالمياه مما يفقد الشفافية والضمانات المستوجبة لحث الاستثمارات المرتبطة بهذا القطاع الحيوي،
  • غياب مساهمة المجتمع المدني في التصرف المندمج في المياه وعدم مساهمة المستغلين ومستعملي المياه في أخذ القرار،
  • عدم ملائمة الإطار المؤسساتي الحالي لمتطلبات التصرف الرشيد في الموارد المائية والمحافظة عليها ومراقبتها،
  • عدم تحيين الجانب الردعي المتعلق بالجرائم والعقوبات منذ صدور المجلة سنة 1975 مما ساهم في تفشي ظاهرة الاعتداءات على الملك العمومي للمياه وتردي التوازنات المائية،
  • قصور مجامع التنمية الناشطة في مجال المياه في إدارة المنظومات المائية ونقص في مراقبة أداءها الإداري والمالي.

وبناء على ما سبق، فقد اتجه الخيار إلى سنِّ مجلة جديدة للمياه تتلاءم مع متطلبات المرحلة الحالية والمستقبلية ومكرسة لأحكام دستور 27 جانفي 2014 خاصة منها الحق في الماء والحق في البيئة السليمة والعيش الكريم والتنمية المستدامة والتوازن بين الجهات والعدالة الاجتماعية والحق في النفاذ إلى المعلومة ودعم اللامركزية وعلى تثبيت ملكية الثروات الطبيعية للشعب التونسي وترشيد استغلالها، حيث بدأ العمل في إنجاز هذه المجلة منذ ما يقارب 10 سنوات على عدة مراحل، فتداول عليه عديد الخبراء والإطارات وممثلي المجتمع المدني، ثم تم استحثاث النسق منذ سنتين وتضافرت الجهود للوصول إلى هذه الصيغة التي تمت المصادقة عليها اليوم والتي تضمنت أحكاما أساسية من أهمها:

  • إعتبار الموارد المائية ثروة طبيعية وطنية يجب استغلالها والمحافظة عليها،
  • تثبيت مبدأ الحق في مياه الشرب والصرف الصحي،
  • إدراج مفهوم اللامركزية في التصرف في الملك العمومي للمياه عبر إرساء مجالس جهوية للمياه،
  • تحقيق مبدأ التضامن الوطني والعدالة في توزيع المياه،
  • إضافة إجراءات التصرف في الحالات القصوى كالفيضانات والجفاف،
  • وجوبية نشر المعلومة المتعلقة بالمياه والحق في النفاذ إليها،
  • ضمان الحوكمة الرشيدة للموارد المائية بتشريك المجتمع المدني ومستعملي المياه في إنجاز المخططات المائية والتصرف المستدام في الموارد،
  • تدعيم الجانب الزجري بخصوص المعتدين على الملك العمومي للمياه.

كما نص مشروع المجلة  أيضا على تدعيم الإطار المؤسساتي للتصرف والمحافظة على الموارد المائية من خلال:

  • إحداث المجالس الجهوية للمياه لدراسة المسائل المتعلقة بالتصرف في الموارد المائية على مستوى الجهة في إطار الاستراتيجيات الوطنية،
  • إحداث الهيئة الوطنية التعديلية لخدمات المياه التي تكلف بتقييم وتعديل الخدمات العمومية المقدمة في قطاع المياه وذلك لضمان التوزيع العادل للماء على المواطنين ونجاعة استعمالها في مختلف المجالات،
  • إحداث الوكالة الوطنية لحماية الملك العمومي للمياه واستغلاله، التي تكلف أساسا بمراقبة وحماية الملك العمومي للمياه،
  • تعويض مجامع التنمية في قطاع الفلاحة والصيد البحري الناشطة في قطاع المياه بالمجامع المائية ذات مصلحة عمومية.