افتتح اليوم الخميس 09 فيفري 2017 السيد سمير الطيب وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري الورشة الوطنية حول” جرد الغازات الدفيئة في قطاع الفلاحة: أهميته في السياسة الوطنية الخاصة بالتغيرات المناخية دور الأطراف الشريكة”، التي تنظمها وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري بالتعاون مع وزارة الشؤون المحلية والبيئة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي PNUD“، وذلك بحضور السيد عماد ثابت ممثل “برنامج الأمم المتحدة الإنمائي PNUD” بتونس.
وبهذه المناسبة أوضح وزير الفلاحة أن هذه الورشة تأتي في إطار سعي الوزارة للبحث عن تصور منهجي وضبط برنامج عملي لمجابهة تأثيرات التغيرات المناخية على قطاع الفلاحة والصيد البحري ومشاركة المجهود الدولي في التصدي الفعال والتدريجي للتهديد الذي يمثله تغيّر المناخ. موضحا أن الدراسات العالمية والوطنية المتعلقة بالمناخ أجمعت على أن النشاط الإنساني هو المسبب الرئيسي لتغير المناخ وذلك من خلال الرفع في تركيز ثاني أوكسيد الكربون (CO2) ومختلف الغازات الدفيئة الأخرى كالميتان (NH4)وأكسيد النيتروز (N2O) والتي بينت الدراسات علاقتها المباشرة بتغير المناخ وما له من تأثيرات سلبية على الموارد الطبيعية وبالتالي على القطاعات الاقتصادية والاجتماعية في العديد من الدول. وأن بلادنا ليست بمنأى عن هذه التأثيرات إذ تعتبر من بين البلدان المتوسطية الأكثر عرضة للتأثيرات السلبية للتغيرات المناخية.
هذا وبين الطيب أن أهمّ مظاهر الانعكاسات تتمثل بالخصوص في ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض كميات الأمطار وتواتر الظواهر المناخية بالغة الشدة مثل الجفاف الطويل المدى وموجات الحرّ الشديدة والعواصف والفيضانات وارتفاع مستوى البحر.
كما أفاد الطيب أنه وفي إطار سعي المجتمع الدولي للتخفيف من تداعيات التغيرات المناخية، تم خلال المؤتمر 21 للأطراف في الاتفاقية الأممية حول التغيرات المناخية (باريس 2015) إقرار اتفاق باريس، والذي يشمل خاصة:
– التزام كل الدول بالتخفيف من انبعاثات الغازات الدفيئة للحد من ارتفاع معدل درجة الحرارة في أفق 2100 : من 1,5 إلى 2 درجة كأقصى حد،
– التزام كل الدول بالعمل على دعم الآليات في مجال التأقلم مع التغيرات المناخية، والتقليص من تداعياتها خاصة على الدول النامية،
– الاتفاق حول آلية دولية للحد من الكوارث والمخاطر المرتبطة بالتغيرات المناخية،
– تعزيز آليات الدعم والتعاون في مجال نقل التكنولوجيات ودعم القدرات وتمويل البرامج في مجال التقليص من الانبعاثات والتأقلم مع التغيرات المناخية.
كما أكد وزير الفلاحة أن الحدّ من الآثار السلبية للتغيرات المناخية يتطلب إرادة سياسية وإدراج هذه الظاهرة في عمليات التخطيط، مشددا على أن المخطط الخماسي للتنمية في الفلاحة والصيد البحري 2016-2020 تضمن برنامج عمل يرتكز على:
· إبراز الجهود التي تساهم في الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة ومن تأثيرات التغيرات المناخية صلب الاسترتيجات القطاعية والمتعلقة بالمحافظة على الموارد الطبيعية.
· وضع مخطط وطني للتأقلم مع تغير المناخ يشمل أنظمة الإنتاج الفلاحي والصيد البحري والأنظمة الإيكولوجية والتصرف المستديم في الموارد المائية.
· إعداد إستراتيجية قطاعية لخفض الانبعاثات الناتجة عن إزالة الغابات REDD+
· دعم التنسيق مع الجهات المتدخلة في ملف التغيرات المناخية مع وضع الإطار المؤسساتي الملائم لإضفاء مزيد النجاعة في أخذ القرارات بشأن هذا الملف مع كل الأطراف المعنية من وزارات ومجتمع مدني و مهنة و قطاع خاص على المستوى المركزي والجهوي.
· تركيز “المنظومة الوطنية للقيس والإبلاغ والمراجعة MRV“.
· دعم المشاركة الفعالة للجهة التونسية في المحطات المقبلة للمفاوضات في مجال المناخ وخاصة المتعلقة بالفلاحة والموارد الطبيعية والصيد البحري.
· تعزيز برامج البحث في مجال التغيرات المناخية.
وأضاف الطيب أنه تم إحداث فريق عمل صلب وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري يعنى بمتابعة وتنسيق ملف التغيرات المناخية، وذلك لمزيد إحكام تنسيق الجهود بشأن المسائل المتعلقة بالتغيرات المناخية وإضفاء أكثر نجاعة لمساهمة وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري في تنفيذ إلتزاماتها تجاه الاتفاقيات الإطارية للأمم المتحدة وفي المفاوضات حول المناخ والعمل على الاستغلال الأفضل للإمكانيات المتاحة في مجال التمويل وتعزيز القدرات ونقل التكنولوجيا. مبينا أنه تم كذلك تدعيم هذا الفريق بفريق فني مهمته متابعة ملف التخفيف من إنبعاثات الغازات الدفيئة وذلك من خلال القيام بعملية جرد سنوي لهذه الإنبعاثات باعتماد منهجية دليل “الفريق الحكومي الدولي لتغير المناخ IPCC. وأن مجهودات فريق الجرد مكّنت من إيفاء الوزارة بإلتزاماتها في :
ü إعداد “المساهمة المقررة والمحددة وطنيا” (INDC) الخاصة بتونس التي تم تقديمها إلى أمانة الاتفاقية الأممية للتغيرات المناخية في موفى سنة 2015.
ü إعداد التقريرين الوطنيين لفترة السنتين للحد من انبعاث الغازات الدفيئة Rapport Biennal (BUR) اللذان تم تقديمهما إلى أمانة الاتفاقية في ديسمبر 2014 وديسمبر 2016.
ü انجاز الدراسة المتعلقة بالإجراءات الوطنية المناسبة لتخفيض الانبعاثات” (NAMAs) بقطاعي الغابات و الفلاحة .
ü التقدم في إنجاز البلاغ الوطني الثالث وذلك باعتماد جرد الغازات للسنة المرجعية 2012.
كما قال وزير الفلاحة إن قطاع الفلاحة ولئن بدا في ظاهره ممتص للغازات الدفيئة بما يغطي جملة الإنبعاثات المتأتية من قطاع التصرف في النفايات فإن ذلك لا ينفي مساهمته بنسبة 25 بالمائة من جملة الإنبعاثات على المستوى الوطني وبذلك يحتل المرتبة الثانية وطنيا بعد قطاع الطاقة، طبقا لنتائج عمليات جرد الغازات الدفيئة في مجالات الفلاحة والغابات واستعمالات الأرض لسنوات 2010 و2011 و2012.
وفي هذا الإطار صرّح الطيب أن الدراسة المعمّقة المنجزة سنة 2007 حول ظاهرة تغير المناخ وانعكاساتها على القطاع الفلاحي وعلى الأنظمة البيئية ببلادنا، أبرزت أن التغيرات المناخية ستؤثر سلبا على الموارد المائية والبحرية والنظم البيئية والفلاحية للبلاد التونسية والتي من شأنها أن تزيد من الضغوطات الحالية على الفلاحين والمستغلات الفلاحية والبحارة ومصائد الأسماك.
كما أضاف الطيب أن الوزارة حرصت على إيجاد تصور مشترك لكيفية التعامل مع هذه الظاهرة والتكيف معها للحد من تأثيراتها السلبية على الموارد الطبيعية وقطاع الفلاحة وذلك في إطار الحوار الوطني للفلاحة والصيد البحري حيث تم تنظيم ندوة حول التغيرات المناخية والجوائح الطبيعية خلال شهر أفريل 2016 أفضت إلى جملة من المقترحات التي يمكن بلورتها والتعمق فيها بما من شأنه أن يمكن من تطوير حوكمة الموارد الطبيعية مع الأخذ بعين الإعتبار التغيرات المناخية.
هذا وأفاد وزير الفلاحة أن ما أقرته الاتفاقية الأممية للتغيرات المناخية بأن المسؤولية في تفاقم هذه الظاهرة مشتركة بين كل الدول ولكنها متباينة و أنه يجب مساعدة الدول النامية لانجاز مشاريع للحد وللتأقلم مع التغيرات المناخية من خلال توفير التمويلات اللازمة، وأن كل هذا يمثل فرصة سانحة وإطارا مناسبا لبلادنا للاستفادة مما تتيحه آليات التمويل والصناديق التي تم إقرارها والعمل بها في إطار هذه الاتفاقية وعلى الصعيد الدولي ومن أهمها الصندوق الأخضر للمناخ الذي يعمل على توفير 100 مليار دولار سنوياً بحلول سنة 2020، وذلك للانتفاع بهذه الإمكانيات لتمويل البرامج والمشاريع التي تساهم في تخفيض الانبعاثات وبرامج التأقلم مع التغيرات المناخية.
وفي الختام عبّر وزير الفلاحة عن أمله في أن يتوصّل هذا اللقاء إلى مقترحات عملية من شأنها أن تفضي إلى المساهمة في تمتين الصلة بين مختلف المتدخلين بما يمكن من إيفاء بلادنا بإلتزاماتها تجاه المجتمع الدولي ويعزز الثقة فيها كوجهة استثمارات أجنبية في القطاعات ذات المحتوى التكنولوجي الرفيع وذات القيمة المضافة العالية، وبالتالي المساهمة في تحسين تموقعها السياسي والاقتصادي.