أشرف صباح اليوم الاثنين 20 فيفري 2017 السيّد سمير الطيب وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري على افتتاح أشغال المؤتمر الخامس لمدراء ومسؤولي البحوث العلمية والإرشاد الزراعي في المنطقة العربية بعنوان “الحد من التصحر ومكافحته في الدول العربية”، وذلك بحضور كل من  الدكتور رفيق علي صالح المدير العام للمركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة “أكساد” وممثل الأمانة العامّة لجامعة الدول العربية والمديرين العامّين للمنظمات العربية ومسؤولي البحوث العلمية والإرشاد الزراعي في الدول العربية وممثلي المنظمات العربية والدولية.  

وفي كلمة الافتتاح أفاد وزير الفلاحة أن هذا المؤتمر جاء للوقوف على مشاكل البلدان العربية في مجال  مكافحة التصحر، وإيجاد آليات التعاون والتنسيق بين مراكز البحوث والإرشاد في الدول العربية والمركز العربي “أكساد” وتبادل الخبرات العلمية العربية والتي تعتبر متميزة في هذا المجال وتأهيل الأراضي المتدهورة في المنطقة العربية. مبينا أن المناطق الجافة وشبه الجافة على الصعيد العالمي تغطّي حوالي 48 مليون كلم²، وهي تتحمل عبئ حوالي مليار ساكن حول العالم، و أن نسبة 75% من مساحة هذه المناطق هي عبارة عن صحاري طبيعية أو أراضي مهدّدة بالتصحّر. أمّا على الصعيد العربي أفاد الطيب أن هنالك حوالي 66 % من الأراضي غير صالحة لأي نوع من الزراعة ما لم تتوفّر الموارد المائيّة اللازمة.

كما قال الطيب إن هذه الأرقام وحدها كافية لإبراز أهميّة ميدان التدخل في تنمية المناطق الجافة التي تُعتبر إحدى التحديّات التي تواجه عالمنا اليوم، متوجها بالتحية  لمنظمي هذا الملتقى الذي جاء في إطار التعاون الإقليمي العربي و الذي يعتمد على تضافر الجهود وعلى تلاقح التجارب والمبادرات، وخاصّة في ظرف التغيرات المناخية التي يشهدها عالمنا اليوم.

وفي   سياق متصل أفاد الطيب أن أشغال مقاومة التصحّر بالجنوب التونسي انطلقت منذ سنة 1888 وذلك إثر صدور قرار 31 أكتوبر 1886 الذي أمر بتكليف مصلحة الغابات أن ذاك بحماية واحات قبلي وتوزر ونفطة من زحف الرمال ومنذ بداية الاستقلال أولت الدولة أهمية خاصّة لمشكلة التصحر وبتنفيذ أوّل مخطّط تنمية (19621964 )، حيث تمّ تنفيذ وإنجاز عدّة أشغال كبرى تضمّنت مقاومة زحف الرمال بالمناطق المهدّدة (الواحات وسكك الحديد والمساكن) كما تضمّنت أشغال تثبيت بالغراسات للكثبان الرملية وحملات تشجير غابي ورعوي لتنمية الغطاء النباتي.

كما قال وزير الفلاحة إنّ تونس لم تدّخر أيّ جهد لتهيئة هذه المناطق التي تكتسي أهميّة على مستوى اتّساع مساحتها وكذلك دورها الاقتصادي حيث تمّ إعداد برامج عمل جهوية (12 برنامجا) ومحلية (12) في أغلب الولايات الأكثر عرضة للتصحّر (1997–2010). وفي هذا الإطار أضاف الطيب أن بلادنا  ركّزت مجهوداتها في إعداد استراتيجيّات قطاعيّة مختلفة وبرامج وطنيّة ومحليّة تعتبر قاعدة وآليات للتخطيط على المستويات الوطنيّة والجهويّة والمحليّة وأهمّها:

         الإستراتيجية الوطنيّة للمحافظة على المياه والتربةتم خلالها تهيئة الأحواض المائية على مساحة 1.5مليون هك وإحداث 784 بحيرة جبلية وبناء 35 سدّا كبيرا و224 من السدود التلية وحفر 6000 بئر عميقة.

– الخطّة الوطنيّة للتنمية الغابية والرعوية ومقاومة زحف الرمال، حيث اشتملت التدخّلات على تثبيت 24 ألف هك من الكثبان الرملية واستصلاح الأراضي بالغراسات العلفيّة وإقامة 20 ألف هك مصدّات الرياح وشرائط غابية بأهمّ الممرّات الهوائيّة التي تمّت معاينتها بعشر ولايات بالوسط والجنوب وإقامة وتعلية 12000 كلم من الطوابى.

– الخطة الوطنية للنهوض بالقطاع الغابى والرعوي 2001-2011

حيث اشتملت التدخّلات على إقامة وتعلية 12000 كلم من الطوابى وتثبيت 20000 هكتار بالغراسات.

وفي هذا المجال، ثمّن وزير الفلاحة المجهدات التي يقوم معهد المناطق القاحلة بمدنين لتدارك النقص الحاصل في المختصّين في فلاحة المناطق الجافة ومقاومة التصحّر والتصرّف في الموارد بالمناطق الجافة من أجل تنمية مستدامة.  مبينا أن المعهد شرع منذ أكتوبر 2001 بالتعاون مع المعهد الوطني للعلوم الفلاحيّة بتونس في تدريس طلبة ماجستير “مقاومة التصحّر والتصرّف في الموارد بالمناطق الجافة” وماجستير دوّلي بالتعاون مع جامعة الأمم المتحدة بطوكيو (اليابان) وجامعة تتوري (اليابان) ومعهد الصحراء بالصين وإيكاردا (مارس 2005). وأن عدد الدورات التكوينيّة الإقليميّة والدولية التي أنجزها منذ إحداثه لتنمية الكفاءات في مجال مقاومة التصحّر والحدّ من تدهور الموارد الطبيعية، بلغ حوالي 60 دورة.

وبما أن القضايا التي يواجهها العمل البحثي والإرشادي تتشابه في الدول العربية،  أوصى الطيب بتناول جميع الجوانب المرتبطة بمكافحة التصحر خلال المؤتمر. كما حثّ على تبادل الخبرات والتجارب الناجحة وآليات التعامل المناسبة مع هذه المسائل، وصياغتها في منهجية عمل بحثي إرشادي عربي مشترك يصبّ في تحقيق تنمية زراعية عربية مستدامة قادرة على مواجهة التحديات البيئية والاقتصادية وتتوافق مع أهداف التنمية المستدامة في أفق 2030.

كما عبّر الطيب عن حرصه على بذل كلّ جهد ممكن من أجل دعم مسيرة العمل الاقتصادي العربي ودعم وتقوية منظّماته، مشيدا بالدور الفعّال الذي يقوم به المركز العربي “أكساد” الذي  حقّق إنجازات عديدة وهامّة، ووصل إلى مكانة مرموقة في مجال البحث العلمي الزراعي من خلال تقدّمه المتسارع في الآونة الأخيرة لتطوير وتحديث عمله وتفعيل مهامه وأنشطته البحثية العلمية والتطبيقية.

من جهته أفاد الدكتور رفيق علي صالح المدير العام للمركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة “أكساد” أن المركز يعمل باعتباره الذراع الفني لجامعة الدول العربية لتحقيق الأمن الغذائي والمائي العربي، من خلال القيام بالأبحاث والدارسات التطبيقية وتنفيذ المشاريع وفق خطط اعتمدت على الاستفادة من التطورات العلمية السريعة والتقنيات الحديثة و تطويعها للملائمة مع البيئات الجافة العربية، مضيفا أن اهتمام المركز انصب في مجالات تحسين التراكيب الوراثية للحبوب واستنباط الأصناف المقاومة للجفاف ذات الإنتاجية العالية، ونشر الأنظمة الزراعية الحديثة كالزراعة الحافظة، وإكثار الأصناف الجديدة من الأشجار المثمرة وإعطاء الاهتمام العلمي والميداني لشجرة النخيل، وتحسين وتطوير السلالات الحيوانية للأغنام والماعز بغية زيادة إنتاجيتها من الحليب واللحم، وتطوير وتنمية ورعاية الإبل، إضافة إلى مشاريع مكافحة التصحر وإعادة تأهيل الأراضي المتصحرة ومنها الأراضي الرعوية وتنفيذ مشاريع رائدة في العديد من البلدان العربية.

كما أضاف علي صالح أن «أكساد” يعمل على نشر وتنفيذ مشاريع حصاد مياه الأمطار، والاعتماد على أحدث التقنيات للمياه الجوفية، ودراسة تقييم حساسية تأثير التغيرات المناخية على الموارد المائية في المنطقة العربية، وإعطاء الأهمية لبناء القدرات البشرية العاملة في مجال التنمية الزراعية وتطويرها.