على هامش افتتاح أشغال الندوة الاقليمية التي انتظمت اليوم 26 أكتوبر الجاري، حول القانون الجديد للاستثمار، الذي دخل حيز التطبيق بداية من غرة أفريل المنقضي، قال كاتب الدولة المكلف بالموارد المائية والصيد البحري، السيد عبد الله الرابحي، في كلمة ألقاها أمام الحاضرين ان هذا القانون هو مطمحا من طموحات الإصلاحات الاقتصادية الكبرى التي أقدمت عليها الحكومات المتعاقبة ما بعد ثورة جانفي 2011، وتوصلت حكومة الوحدة الوطنية إلى إقراره بفضل التشاور والتوافق الواسع الذي عرف له. وأضاف انه جاء بالعديد من الإمتيازات والحوافز للقطاع الفلاحي بما يعزز منظومة الاستثمار في تونس، وهي اصلاحات تعكس  رؤية الحكومة في ما يتعلق بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية. وتابع بالقول:”فكما جاء بالخطة الخماسية للتنمية 2016-2020، رؤيتنا للتنمية الفلاحية،  تتمثل في دعم موقع القطاع ودوره فى الاقتصاد الوطنى ومساهمته فى التنمية الجهوية والريفية وفي تأمين دخلا مجزيا للفلاح والبحار وتعزيز الأمن الغذائي، وذلك من خلال إكسابه قيمة مضافة عالية وقدرة تنافسية وجاذبية للاستثمار مع الحرص على ضمان استدامة الموارد الطبيعية في ظل التغيرات المناخية”.

واعتبر كاتب الدولة  ان قانون الاستثمار الجديد القطاع الفلاحي من بين القطاعات ذات الأولوية بما يبوبه للتمتع بأقصى الامتيازات المخولة في شكل امتيازات مالية وجبائية. إلى جانب ما سيلقاه المستثمر من حرية في إختيار نشاطه ومن إجراءات مبسطة وشفافة لإنجاز مشاريعه، والتي من خلالها تتحقق أولويات التنمية الفلاحية وأهدافها الاستراتيجية والمتمثلة بالخصوص في تنمية الموارد الطبيعية وضمان استدامتها، والنهوض بمنظومات الإنتاج وتعزيز قدرتها التنافسية، فضلا عن     النهوض بالفلاحة الصغرى والعائلية.

كما بين السيد عبد لله الرابحي، ان النصوص التطبيقية  افردت التجهيزات المتعلقة بضمان استدامة الموارد الطبيعية من مياه وتربة وموارد بحرية وطاقة بمنح هامة تصل حدود 50% من كلفة التجهيزات  اللازمة لذلك بالنسبة للفلاحين وإلى حدود 60% عند إنجاز هذه الإستثمارات من طرف تجمعات الفلاحين والشركات التعاونية، وكذلك الشأن بالنسبة لتجهيزات تحسين الجودة والمحافظة على سلامة المنتوجات وتسيير منظومات الري والتسميد والمداوات وهي تعتبر استثمارات لامادية يتم أخذها بعين الاعتبار لأول مرة ضمن قائمة الحوافز، هذا إلى جانب معدات تحسين المردودية كمعدات الميكنة الفلاحية.

ولم يستثني القانون الجديد الباعثين الشبان من حيث الإهتمام حيث كرس مبدأ المرافقة بتخصيص منحة بـ50% من كلفة هذه المرافقة إلى جانب مراجعة جذرية لمنظومة القرض العقاري الشيء الذي من شأنه رفع العراقيل أمام الشباب للإقدام على هذه الآلية وإنجاح مشاريعهم حيث تم الترفيـع في سقــف هذا القرض مـن 150 ا.د إلى 250 ا.د.

كما ينتظر أن تتعزز سبل تمويل المشاريع الفلاحية فإلى جانب التمويل البنكي الذي سيواصل بل أقول سيكثف مؤازرته للقطاع الفلاحي بالنظر للمكانة التي يتمتع بها القطاع على صعيد الأولويات الوطنية، سيمكن الصندوق التونسي للاستثمار الجديدة من تسهيل تمويل المشاريع من خلال المساهمة بنسب متفاوتة في رأس مال المؤسسات المحدثة.:”يسعدني إعلامكم ان مؤشرات نمو الإستثمار الفلاحي الخاص منذ دخول هذا القانون الجديد حيز التنفيذ هي مؤشرات طيبة ومشجعة رغم بعض التأخير المسجل في بدايته نتيجة إعداد دليل إجراءات ينظم ويضبط إسناد هذه الإمتيازات، حيث تطورت الإستثمارات المصرح بها إلى موفى شهر سبتمبر 2017 بنسبة 110% واكبتها الإستثمارات المصادق عليها التي بلغت نسبة التطور بها 5% و ستساهم هذه الإستثمارات في إحداث 3498 موطن شغل قار. وستتمتع هذه الإستثمـــارات بمنح قيمتها 71.1 م.د وهو مــا يمثـــل 17 % من هيكلة تمويل المشاريع خلال هذا الثلاثي وهي ارقام تعكس الإقبال الهام على الإستثمار في المجال الفلاحي بعد صدور هذا القانون” .

كما مثلت منحة تحسين الإنتاجية نسبة 71%من مجموع المنح المصادق عليها ضمن قانون الإستثمار ويعكس ذلك تجاوب الباعثين مع التوجه الهادف إلى تحديث الفلاحة عبر الترفيع في منحة التجهيزات إلى 50 %. حيث تم التصريح بداية من تاريخ دخول القانون الجديد حيز التنفيذ بـاقتناء2023 جرار بقيمة 145 م.د.

ويضيف كاتب الدولة:”نحن اليوم بإقليم الشمال الشرقي في إطار ندوة للتعريف بقانون الاستثمار الجديد وكلنا أملا في أن يساهم هذا الإطار الجديد في دفع الاستثمارات الفلاحية بالجهة ويوسع قاعدة الأنشطة الاقتصادية بها، على أن تكون الفلاحة هي محور الأنشطة الاقتصادية الأخرى من صناعات تحويلية وخدمات، علما أن هذه الأنشطة تتمتع هي الأخرى بامتيازات هامة، لابد من الاستفادة منها بالنظر لما يتميز إقليم الشمال الشرقي من إمكانيات للتوسع في العديد من الزراعات والغراسات والصيد البحري والثروة الحيوانية وما يتطلب ذلك  من تحويل وتصنيع ومن خدمات مرتبطة بها تمكن من إحداث العديد من مواطن  الشغل”.

      وفي ذات السياق، اشار كاتب الدولة الى ان مستوى الاستثمار الخاص  شهد حركية بهذا الاقليم حيث عرف سنة 2016 المصادقة على 961 عملية استثمار بحجم جملي بلغ 185 م.د وهو ما يعادل 25.1% من قيمة الإستثمارات المصادق عليها. وقد شملت الاستثمارات المصادق عليها أنشطة غراسة الأشجار المثمرة وخاصة منها الكروم والقوارص وتربية الدواجن والصيد البحري وتربية الأحياء المائية. ويتنظر أن تتكثف الاستثمارات في الإقليم وذلك لإقدام المستثمرين على تجديد الغراسات واستعمال التقنيات الحديثة في قطاع الاقتصاد في المياه والدواجن.:”إن المراهنة على الفلاحة أصبحت اليوم في تقديرنا من التحديات الرئيسية وصارت أكثر ضرورة وأشد إلحاحا من أي وقت مضي وإننا لنعول على القطاع الخاص في الفلاحة لمساهمته الكبرى في منوال التنمية  بـ 57.3 %   من الإستثمار الفلاحي الجملي وهو ما دفعنا اليوم لتوفير مناخ ملائم يشجع المستثمرين الخواص على دخول القطاع وتنميته  وإحداث مشاريع  ذات طاقة تشغيلية عالية” .

وتابع:”إن ثقتي كبيرة في كل الهياكل والإطارات الجهوية في تحمل مسؤولياتها على مستوى تذليل العوائق والصعوبات أمام المستثمرين  وحثهم على بعث المشاريع  من خلال تيسير الإجراءات الإدارية وفقا لما جاء به القانون الجديد للاستثمار، خاصة إذا ما علمنا وأن فرص الاستثمار  الفلاحي لا تزال كبيرة  في ولايات الشمال الشرقي  ولابد من إعطاء دور أكبر للخواص للإستغلالها في كنف الشفافية والقوانين المسموح بها”.

وفي الختام، جدد كاتب الدولة لتحية لكل الحاضرين مشددا على ضرورة تحقيق الاهداف التي التامت من اجلها هذه الندوة وان تستثمر المنح والامتيازات التي منحت للقطاع الفلاحي في القانون الجديد على أحسن ما يكون في هذا الإقليم الذي يزخر بالعديد من المكامن لا تزال في حاجة إلى التثمين والتطوير.

وكانت زيارة محطة معالجة المياه المعالجة بنابل مناسبة أعلن فيها السيد كاتب الدولة الانطلاق في الخطة الوطنية لتثمين هذه المياه المقدرة بثلاثين ألف متر مكعب عبر وضع مخطط لكل محطة وأحداث لجان متابعة جهوية واخرى وطنية.