أشرف اليوم الخميس 22 سبتمبر 2016 السيد عبد الله الرابحي كاتب الدولة المكلف بالموارد المائية والصيد البحري على افتتاح أشغال اليوم الدراسي حول ” الموارد المائية بالبقالطة: الوضعية الحالية والحلول الممكنة” والذي يُنظِّمُهُ الاتحاد المحلي للفلاحة والصيد البحري بالبقالطة بالاشتراك مع الاتحاد الوطني للفلاحة والصيد البحري والغرفة الفتية العالمية بالبقالطة.

وخلال الكلمة التي ألقاها بالمناسبة أقر الرابحي بأن بلادنا تشكو من ندرة الموارد المائية التقليدية، حيث تبلغ حصة الفرد 460 مترا مكعبا في السنة بينما يبلغ مؤشر شح المياه الذي يحدد حصة الفرد الدنيا بـ 500 متر مكعب في السنة. وأنه من المتوقع أن تصل هذه الحصة إلى 360 مترا مكعبا في السنة في أفق 2030. مضيفا أنه الى جانب هذه الندرة تتعرض الموارد المائية ببلادنا إلى العديد من العوائق والصعوبات والمتمثلة في تزايد الطلب على المياه في جميع القطاعات نتيجة التنمية الإقتصادية والإجتماعية للبلاد، الى جانب تأثيرات التغيرات المناخية وتواتر فترات الجفاف والفيضانات، والاستغلال المفرط لبعض الموائد المائية وارتفاع درجة ملوحتها.

وأكد كاتب الدولة أن المرحلة المقبلة تتطلبتأمين التزود بالماء الصالح للشرب والري وذلك بربط السدود الكبرى بعضها البعض وتدعيم محاور جلب المياه شمال-وسط-جنوب لتحويل فائض مياه الشمال إلى هذه المناطق.

وكذلك تدعيم إدارة الطلب على المياه من خلالتدعيم وتطوير برامج الاقتصاد في الماء، وتثمين الموارد المائية غير التقليدية بإعادة استعمال المياه المعالجة ومياه الصرف وتحلية المياه المالحة وشبه المالحة والنهوض بتصرف مستخدمي المياه ضمن مجامع مائية وتدعيم برامج البحث العلمي، وتطويرالنصوص التشريعية المتعلقة بقطاع المياه.

وأضاف السيد عبد الله الرابحي أن بلادنا قطعت شوطا هاما في مجال الاقتصاد في الماء وترشيد استعماله حيث أرست الدولة منذ سنة 1992 برنامج وطني للإقتصاد في الماء في جميع القطاعات الفلاحية وغير الفلاحية يعتمد على عـدة إجراءات متكاملة ذات طابع فني ومؤسسي واقتصادي. مبينا أن هذا البرنامج مكن من تجهيز 89% من المساحة الجملية المروية بمعدات الإقتصاد في مياه الري) سنة2015(، منها 45 % مجهزة بمعدات الرّي الموضعي.

كما أفاد الرابحي أن الاستثمارات المنجزة منذ جوان 1995 تقدر بحوالي 1130 مليون دينار منها 553 مليون دينار منح تشجيعية للفلاحين. وأن الاقتصاد في المياه كان له الأثر الإيجابي في الرفع في الإنتاجية والنوعية لجل المنتوجات والاقتصاد في الماء.وأنه يتعين مستقبلا مواصلة العمل على إعادة تهيئة وتعصير المناطق السقوية المتقادمة مع تدعيم برامج الصيانة الوقائية للمنشآت والتجهيزات وكذلك التركيز على الحلقة الأخيرة المتعلقة بقيادة عملية الري على مستوى الحقل بتشريك مراكز البحوث وإدخال التكنولوجيات الحديثة لمزيد تدقيق الحاجيات المائية للزراعات، واعتماد الري الآلي والري المنقوص، الخ.

كما أكد الرابحي على إعادة استعمال المياه المعالجة في مجال الري. مبينا أنه تتوفر ببلادنا كميات هامة من المياه المستعملة المعالجـة المتاحة تُقدر بحوالي 242 مليون متر مكعب )موفى سنة 2015( وهي متأتية من 112 محطة تطهير موزعة على كامل أنحاء البلاد. ويمكن أن تؤمن ري مساحة هامة إذا ما تم توظيفها على الوجه المطلوب وبالكيفية اللازمة. مضيفا أنه ورغم التشجيعات المرصودة والمتعلقة خاصة بالتخفيض الهام في تسعيرة المياه المعالجة المستخدمة في الري إلى مستوى 20 مليم/م3 منذ سنة 1998 بهدف تثمينها، لا يزال استغلال المياه المستعملة المعالجة في مجال الري ضعيفا ولم يتعدى معدل 13 مليون م3 سنويا خلال العشرية الأخيرة (أقصى كمية مستهلكة بلغت 18.2 مليون م3 خلال الموسم الفلاحي 2008/2007).

وأفاد كاتب الدولة أن المرحلة المقبلة تستدعي إعطاء دفع أكبر لهذا القطاع من خلالتحسين نوعية المياه المعالجة والحرص على ضمان مطابقتها للمواصفات وذلك بإعطاء الأولوية لمحطات التطهير المرتبطة بالمناطق السقوية المستغلة في ولايات الوسط والجنوب، وتقييم ونشر نتائج المشاريع النموذجية المنجزة والمتعلقة بالمعالجة التكميلية للمياه المتأتية من محطات التطهير. وانجاز مشاريع نموذجية تعتمد على المعالجة الثلاثية في المناطقالتي تثمن المياه. وأنه في هذا الإطار يتم حاليا التخطيط لإنجاز مشروع نوذجي يعتمد على المعالجة الثلاثية لتثمين المياه المتأتية من مصنع الحليب (vitalait) لأغراض فلاحية بولاية المهدية وبالتعاون بين منظمات IME/SCP/SEM..وإعادة تنشيط اللجان الجهوية المشرفة على القطاع والمنصوص عليها بالمنشور المشترك بين وزارتي الصحة والفلاحة لسنة 1995 وذلك قصد تكثيف المتابعة ومراقبة استغلال المياه المعالجة في المناطق السقوية. وكذلكالإستفادة من نتائج البحث العلمي المنجزة وتوسيع مجالات تدخله لتشمل مواضيع جديدة مثل تأثيرات الري بالمياه المعالجة على الزراعات والإنتاج والتربة والموائد المائية والصحة بالنسبة للعاملين والمستعملين وطرق معالجة المياه المستعملة التي تتماشى مع البيئة التونسية.

وحول التوجه نحو تحلية المياه قال الرابحي أن بلادنا تكتسب خبرة واسعة في مجال تحلية المياه حيث يعود استغلال أول محطة بجزيرة قرقنة إلى بداية الثمانينات ثمّ محطات قابس وجربة وجرجيس في التسعينات.وأن كمية المياه المحلاة بلغت قرابة 120 ألف م3/اليوم منها 80 بالمائة عن طريق 12 محطة تحلية تستخدم في التزود بمياه الشرب من طرف الشركة الوطنية لإستغلال وتوزيع المياه. هذا الى جانب محطة تحلية مياه البحر بجربة بطاقة 50 ألف م3 والتي تدخل حيز الاستغلال في ربيع 2017. كما تمت برمجة 9 محطات أخرى من طرف الشركة بطاقة تقدر ب 337 ألف م3 في اليوم منها محطتين كبيرة الحجم بكل من صفاقس (200 ألف م3/يوم) والزارات (100 ألف م3/يوم).

وأفاد الرابحي أنه تم اقرار برنامج متأكد لتركيز 38 محطة متنقلة لتحلية مياه البحر و3 محطات أخرى لتحلية المياه الشبه المالحة بتكلفة جملية تقدر بـ 200 مليون دينار لمجابهة النقص الحاصل في مياه الشرب خلال فترة ذروة الإستهلاك. كما تم أيضا التوجه نحو تحلية المياه لأغراض فلاحية في المناطق التي تتميز بتثمين المياه حيث تم القيام بمشروع نموذجي سنة 2016 بمنطقة قوناط من ولاية المهدية بطاقة انتاج تقدر ب 200 م3/اليوم لري ما يقارب 25 بيوت محمية لإنتاج الباكورات. واعتبر الرابحي أن تقنية تحلية المياه المالحة والشبه المالحة قد وصلت مرحلة النضج ويمكن اعتمادها في المجال الفلاحى بالنسبة للمناطق التي لها تجربة في تثمين المياه مع الأخذ في الإعتبار الجوانب البيئية.

         وفي الختام أكد كاتب الدولة حرص الوزارة على الاستنارة بما تقدمه كل المنظمات من أفكار واقتراحات عملية وواقعية لمعالجة الوضعية الحالية واستشراف الآفاق المستقبلية للقطاع.