أشرف صباح اليوم الثلاثاء 28 نوفمبر 2017 السيد سمير الطيّب وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري  على افتتاح أشغال ورشة عمل “التوجهات الاستراتيجية للبحث العلمي الفلاحي في أفق 2030″، وذلك بحضور رئيس مؤسسة البحث والتعليم العالي الفلاحي وممثلين عن الوزارات ذات الصلة بالبحث العلمي الفلاحي ورؤساء وممثلي النقابات الفلاحيّة والمهنية ومديري معاهد ومراكز البحث ومعاهد ومدارس التعليم العالي الفلاحي والمديرين العامين والمدرسين والباحثين.

وخلال كلمة الافتتاح أفاد السيد سمير الطيب أن قطاعالفلاحة والصيد البحري مثّل منذ الاستقلال الركيزة الأساسية للاقتصاد الوطني وساهم في تحقيق جملة الأهداف التنموية للبلاد والمتمثلة في الترفيع في نسبة النمو الاقتصادي وتحقيق الأمن الغذائي وتطوير الصادرات وتقليص عجز الميزان التجاري وخلق مواطن الشغل وتثمين الموارد الطبيعية المتاحة والمحافظة على البيئة. مضيفا أن قطاعالفلاحة والصيد البحري ساهم أيضا في تنمية الجهات والمناطق الريفية وتطوير الصناعات الغذائية من خلال توفير المنتجات الفلاحية المعدة للتصنيع واستثمار نسب من الأرباح المتأتية من النشاط الفلاحي في هذه الصناعات.

في المقابل أقر وزير الفلاحة أن القطاع لازال يواجه بعض الصعوبات والعراقيل والمرتبطة بندرة وهشاشة الموارد الطبيعيّة وبالتغيّرات المناخيّة وبأسواق مستلزمات ومدخلات الإنتاج وأسواق المنتجات الفلاحيّة وكذلك صغر مساحة المستغلات الفلاحيّة. موضحا أن هذه الوضعية حتّمت على وحدات الإنتاج وخاصة منها صغيرة الحجم والعائلية مجابهة جملة من التحديات والمتمثلة أساسا في رفع الإنتاجيّة وتنويع الإنتاج مع ضمان استقراره وتحسين الجودة وتثمين المنتوج عبر تطوير النمط البيولوجي واستخدام علامات المصدر والتحكّم في كلفة الإنتاج والمحافظة على الموارد الطبيعيّة وإحكام استغلالها فضلا عن إيجاد موارد دخل إضافية لضمان ديمومتها.

وفي هذا الإطار أفاد الطيب أن الرؤية المستقبلية لقطاع الفلاحة والصيد البحري في أفق 2030 ترمى أساسا إلى جعله قطاعا يحظى بأولوية مطلقة في سياسة التنمية الاقتصادية والاجتماعية ومنتجا ومشغّلا ومصدّرا ومجدّدا وله جاذبية للاستثمار وقيمة مضافة ومردودية وقدرة تنافسية عالية تفعّل دوره وتدعم مكانته في الاقتصاد الوطني وتضمن استدامته. مؤكدا أن إنتاج المعرفة ونقل التكنولوجيا يمثل ركيزة إستراتيجية أساسية لتجسيم هذه الرؤية المستقبلية وذلك باعتبار الدور المحوري الذي يلعبه البحث العلى الفلاحى والتجديد التكنولوجي في دعم القطاع الفلاحي ورفع إنتاجيته وذلك من خلال ابتكار تقنيات حديثة تتلاءم مع نظم الإنتاج المتداولة ووضعها علي ذمة الفلاحين.

وذكّر الطيب أن بلادنا، وعلى غرار العديد من البلدان في طور النمو، انخرطت منذ نهاية الألفية الفارطة في تدعيم مقومات اقتصاد المعرفة كخيار استراتيجي لتعزيز نسق النمو في ظل مرحلة تتسم باستكمال التحرّر الاقتصادي ورفع التحديات التي تفرضها العولمة ووسائل الاتصال والتكنولوجيات الحديثة. وأن قطاع البحث العلمي الفلاحي حظي منذ إحداث مؤسسة البحث والتعليم العالي الفلاحي سنة 1990 وكذلك إصدار القانون التوجيهي للبحث العلمي والتكنولوجيا سنة 1996 بعناية متميزة قصد إرساء منظومة متكاملة ومتناسقة للبحث العلمي والتطوير التكنولوجي توجه المجهود الوطني للبحث نحو أولويات التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

كما أكد الطيب أنه وفي نطاق سياسة الدولة الرامية إلى إعادة تنظيم أنشطة البحث العلمي الفلاحي وفق قواعد واضحة ومناهج متطوّرة بغية توظيفها على أحسن وجه لفائدة أهداف التنمية، تم إصدار أمر في ماي 1998 تضمّن قائمة في 10 ميادين بحث فلاحي ذات أولوية ارتكزت عليها الخطة العشرية الأولى (1999-2008). وأن من أهم أهدافها تنسيق وتقييم البحوث في إطار برمجة هادفة لملائمتها مع أولويّات التنمية وتوثيق روابط الصلة بالهياكل التنموية والمهنية من أجلتبسيط وتثمين نتائج البحوث وتوظيفها.مبينا أنه وقع توسيع الميادين ذات الأولويّة لتصبح 13 ميدانا وأنه  في إطار تدعيم الخطة العشرية الأولى اتسمت الخطة العشرية الحالية (2009 – 2018) ببعث مشاريع ايلافية خاصة في ميادين الحبوب والمياه. وأنه تم خلال السنوات الأخيرة بعث 3 لجان شغلت على 3 مستويات: الحوكمة والتعليم العالي والبحث العلمي الفلاحي شاركت فيها جميع الأطراف وخلصت إلى إصدار تقرير يشخص وضعية المنظومة واقتراح العديد من الإصلاحات، وذلك لمزيد هيكلة المنظومة.   

وأفاد وزير الفلاحة أن النتائج المتحصل عليها والمنجزة في إطار العديد من المشاريع البحثية مكنت من نشر ما يفوق 800 نشريه علمية في مجلات عالمية محكمة جعلت تونس تتصدّر البلدان العربية والإفريقية. وان هذه المنظومة  تمكنت من جميع مكوناتها المادية والبشرية ومن الحصول على العديد من الإنجازات البحثية تتعلق أساسا بمستنبطات نباتيّة فاق عددها الـ 40 مستنبط خلال العشرة سنوات الأخيرة تهم قطاعات الزراعات الكبرى والأشجار المثمرة والخضروات.مضيفا أنه  تم إبرام أكثر من 30 عقدا لاستغلال المستنبطات الجديدة بين المعهد الوطني للبحوث الفلاحية وشركات إكثار البذور والمشاتل.

وتشجيعا للباحثين على هذه النتائج  أكد وزير الفلاحة أنه تم إقرار نسبة 3% من جملة مبيعات هذه المستنبطات لفائدة المعهد الوطني للبحوث الزراعية. مبينا أن هذه المنظومة توصلتإلى العديد من النتائج العلمية تتعلق بالحزم الفنية التي تم إيصال جزءا منها إلى الفلاحين والمربين والبحّارة وأن بعضها يتعلق بمنظومات للمساعدة على اتّخاذ القرار.

ونظرا للتحديات المستقبلية  شدّد الطيب على أن المرحلة تستوجب وضع اسراتيجية هادفة للنهوض بهذه المنظومة باعتماد مقاربة تشاركية يكون فيها الفلاح والهياكل المهنية من بين العناصر الرئيسية والفاعلة في تحديد أولويات البحث وإنتاج المعرفة وتثمينها لدعم التنمية الفلاحية والمحافظة على الموارد الطبيعية. مبينا أن المرحلة القادمة تتطلب وضع برامج جديدة للبحوث التطبيقيّة مع كلّ المراكز الفنيّة والمعهد الوطني للزراعات الكبرى والعمل جنبا إلى جنب مع وكالة الإرشاد والتكوين الفلاحي وهو  ما يضمن  التكامل بين البحث والإرشاد وتثمين النتائج المتحصل عليها ونقلها للمستفيدين.

وفي الختام أوصى السيد سمير الطيب ببعث أيّام وطنيّة سنويّة للتجديد المعرفي في مجال الفلاحة والصيد البحري لتقديم النتائج المجدّدة والانطلاق في تثمينها. كم دعا إلى مزيد تثمين أفكار المشاريع المتجدّدة ضمن محاضن المؤسسات واقتراح آليات جديدة لمزيد استقطاب الشباب لبعث المشاريع وخلق فرص التشغيل.